بذلك حتى نفوا عنه ما لا يسلم فحول الشعراء من المحدثين والقدماء منه، فقالوا: ليس له معنى نادر ولا مثل سائر إلا وهو من نتائج فكره وأبوا عذره وكان بجميع ذلك مبتدعاً ولم يكن متّتبعاً ولا كان لشيء من معانيه سارقاً بل كان إلى جميعها سابقاً فادعوا ذلك ما ادعاه لنفسه على طريق التناهي في مدحها لا على وجه الصدق عليها فقال:
أنا السابقُ الهادي إلى ما أقولُهُ ... إذا القولُ قَبْلَ القائلينَ مَقُولُ
وهذا تناه ومبالغة منه كاذبة، وقد يأتي الشاعر بضد الحقائق، ويتناهى في الوصف وهو غير صادق وذكرت أنك عارضت دعواهم بأبيات وجدتها في شعره مسروقات فادعوا فيها اتفاق الخواطر ومواردة شاعر لشاعر واحتجوا عليك بامرئ القيس في قوله:
وُقُوفاً بها صَحْبي عليَّ مطّيهُم ... يقُولونَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجمَّلِ
فوافق خاطره خاطر طرفة في قوله:
وُقُوفاً بها صَحْبي عليَّ مطَّيهُم ... يقُولونَ لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَّلدِ
وأحببت إنهاء ما عندي إليك غير متحيَّف لك ولا عليك.
قال أبو محمد: فأقول والله الموفق للصواب:
إن القوم لم يصفوا من