وقوله: وهو1 مشبه بقولهم: "هو أقول منه، وأبيع منه", وجه الشبه بينهما أن "أفْعَل" إذا وصلت بها "من", فإنها للمبالغة والتفاضل نحو قولهم: "أنت كريم، وأنا أكرم منك, وأنت ظريف, وأنا أظرف منك" فمعناه: أنهما قد اشتركا في الصفة وزاد أحدهما على الآخر فيها، وعلى هذا لا يجوز أن تقول: "العسل أحلى من الخل"؛ لأنهما لم يشتركا في الحلاوة، وإنما ينبغي أن يقال: "العسل أحلى من التمر"2 لاشتراكهما في الحلاوة وزيادة العسل على التمر3 فيها، وإذا كان "أفعل منك" إنما هو للتفاضل والمبالغة كان قولهم: "أفعل به" قريبا منه؛ لأن معنى "أفعل به" المبالغة أيضا4 إلا أن4 "أفعِل به" فعل, و"أفعَل منك" اسم5 بدلالة دخول5 علامات الأسماء عليه نحو قولهم6: "مررت بأفضل منك, وبأعلم منك" ونحو ذلك، فصح "أفعل منك" لأنه اسم، وصح "أفعِل به" لأنه في معناه، ولولا إلحاق فعل التعجب بالأسماء ومشابهته لها، لقلت في التعجب: "ما أقام زيدا، وما أطاله، وأقم به, وأطل به".

فإن قال قائل: فهلا قالوا: "ما أشدد زيدا, وما أقلل مالك", فأظهروا هنا كما صححوا في قولهم: "ما أطوله، وما أقوله"؟

قيل: لأن "ما أفعله" محمول على "هو أفعل منك", وأنت قد تدغم: "هو أشدّ منك" لأنه على مثال الفعل، يدل على ذلك7: أن المدغم إذا جاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015