ومن ألفاظ الخبر المراد بها الأمر قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} 1 فهذا في معنى قوله2: "آمنوا", ألا تراه أجابه بقوله عز وجل: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ} 3 فهذا معناه: "آمنوا يغفر لكم ذنوبكم"4, كما تقول: "إن تؤمنوا يغفر لكم ذنوبكم"5, ولا يكون قوله: "يغفر لكم" جواب6: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} 7, وإن كان أبو العباس -رحمه الله8- قد ذهب إليه.

قال أبو علي: لأن المغفرة لا تجب بالدلالة إنما تجب بالإيمان. ألا ترى أنه ليس كل من دُل غُفر له، إنما يُغفر لمن آمن, فمعنى: "أكرِمْ به: ما أكرَمَه" قال أبو علي: والباء9 وما عملت فيه في قولك: "أكرم به" في موضع رفع؛ لأنها مع ما عملت فيه الفاعل، كما تقول "كفى بالله" أي: كفى الله.

قال أبو علي: فكأنه قال: "أكرم زيد" أي: صار ذا كرم، كما تقول: "أجرب زيد" أي: صار ذا إبل جربى, و"أنحز" أي: صار ذا إبل بها نُحاز, و"ألهج" أي: صار ذا فصال قد لهجت بالرضاع. قال الشماخ:

رعى بأرض الوسمي حتى كأنما ... يرى بسفى البهمى أخلة ملهج

فلما كان "أفعل به" في معنى "ما أفعله" صح صحته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015