وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال].
وقال سبحانه: {وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون].
فهذه نصوص تحتاج إلى وقفة للجمع بينها وبين ما تقدم، وكذلك غيرها من الآيات والأحاديث " (?)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَذَاكَ نَقُولُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّ مَنَ عَمِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ سَدَّدَ وَقَارَبَ وَمَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلَمْ يَدْخُلِ النَّارَ، مَوْضِعُ الْكُفَّارِ مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ بَعْضَ الْمَعَاصِي لِذَلِكَ لَا يَجْتَمِعُ قَاتِلُ الْكَافِرِ إِذَا مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ مَعَ الْكَافِرِ الْمَقْتُولِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنَ النَّارِ، لَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ، وَلَا مَوْضِعًا مِنْهَا، وَإِنِ ارْتَكَبَ جَمِيعَ الْكَبَائِرِ، خَلَا الشِّرْكِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا لَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا دُونَ الشِّرْكِ فَقَدْ خَبَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ: فَقَالَ لِإِبْلِيسَ: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر:42]،إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر:44] فَأَعْلَمَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَسَّمَ تَابِعِي إِبْلِيسَ مِنَ الْغَاوِينَ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ عَلَى عَدَدِ أَبْوَابِ النَّارِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مَعْلُومًا وَاسْتَثْنَى عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ مِنْ هَذَا الْقَسْمِ فَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ زَجَرَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَغْوَاهُ إِبْلِيسَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يَشَاءُ غُفْرَانَ كُلِّ مَعْصِيَةٍ يَرْتَكِبُهَا الْمُسْلِمُ دُونَ الشِّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، لِذَاكَ أَعْلَمَنَا فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48] وأَعْلَمَنَا خَالِقُنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ آدَمَ خَلْقَهُ بِيَدِهِ، وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، وَأَمَرَ مَلَائِكَتَهُ بِالسُّجُودِ لَهُ، عَصَاهُ فَغَوَى، وَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ اجْتَبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ بِارْتِكَابِ هَذِهِ الْحُوبَةِ، بَعْدَ ارْتِكَابِهِ إِيَّاهَا، فَمَنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ حَوْبَتَهُ الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَأَوْقَعَ عَلَيْهَا اسْمَ غَاوٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَجْزَاءِ، جُزْءًا وَقَسْمًا لِأَبْوَابِ النَّارِ السَّبْعَةِ وَفِي ذِكْرِ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم - وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:121] مَا يُبَيِّنُ وَيُوَضِّحُ أَنَّ اسْمَ الْغَاوِي قَدْ