ثمَّ إِن عليا لم يؤذ فِي مبيته على فرَاش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أوذي غَيره فِي وقايتهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ الْبُرْهَان التَّاسِع قَوْله (فَمن حاجك فِيهِ من بعد مَا جَاءَك من الْعلم فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم وأنفسنا وَأَنْفُسكُمْ) الْآيَة

نقل الْجُمْهُور أَن (أبناءنا) إِشَارَة إِلَى الْحسن وَالْحُسَيْن (وَنِسَاءَنَا) إِلَى فَاطِمَة (وأنفسنا) إِلَى عَليّ

وَهَذِه الْآيَة أدل دَلِيل على ثُبُوت الْإِمَامَة لَهُ لِأَن الله جعله نفس الرَّسُول والإتحاد محَال فَبَقيَ المُرَاد بالمساواة لَهُ الْولَايَة

وَأَيْضًا فَلَو كَانَ غير هَؤُلَاءِ مُسَاوِيا لَهُم وَأفضل مِنْهُم لاستجابة الدُّعَاء لأَمره تَعَالَى بأخذهم مَعَه لِأَنَّهُ فِي مَوضِع الْحَاجة

وَإِذا كَانُوا هم الْأَفْضَل تعيّنت الْإِمَامَة فيهم

فَهَل تخفى دلَالَة هَذِه الْآيَة على الْمَطْلُوب إِلَّا على من استحوذ الشَّيْطَان عَلَيْهِ

الْجَواب أما أَخذه عليا وَفَاطِمَة وابنيهما فِي المباهلة فَفِي مُسلم من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص لما نزلت هَذِه الْآيَة دعاهم فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي وَلَكِن لَا دلَالَة فِي ذَلِك على الْإِمَامَة وَلَا على الْأَفْضَلِيَّة

وقولك جعله نفس الرَّسُول قُلْنَا لَا نسلم أَنه لم يبْق إِلَّا الْمُسَاوَاة وَلَا دَلِيل على ذَلِك بل حمله على ذَلِك مُمْتَنع لِأَن أحدا لَا يُسَاوِي الرَّسُول وَهَذَا اللَّفْظ فِي اللُّغَة لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاة قَالَ الله تَعَالَى (لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا) وَلم يُوجب ذَلِك أَن يكون الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات متساوين وَقَالَ تَعَالَى (فَاقْتُلُوا أَنفسكُم) أَي يقتل بَعْضكُم بَعْضًا وَلم يُوجب ذَلِك تساويهم وَلَا أَن يكون من عبد الْعجل مُسَاوِيا لمن لم يعبده وَكَذَلِكَ (وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم) أَي لَا يقتل بَعْضكُم بَعْضًا وَإِن كَانُوا غير متساوين بل بَينهم من التباين مَا لَا يُوصف وَمِنْه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015