من وَاحِدَة مِنْهُنَّ خطأ وَسِيَاق الْآيَة يدل على أَن الله يذهب عَنْهُم الْخبث وَالْفَوَاحِش ويطهرهم مِنْهَا وَنحن نعلم أَن الله أذهب عَن أُولَئِكَ السَّادة الشّرك والخبائث والرجس وطهرهم من هَذِه الْفَوَاحِش وَلَيْسَ من شَرط المتقى أَن لَا تقع مِنْهُ صَغِيرَة ويستغفر مِنْهَا وَلَو كَانَ ذَلِك شرطا لعدم المتقون من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن فعل مَا يكفر سيئاته كَانَ من الْمُتَّقِينَ

وَقَالَ تَعَالَى (خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا) وَقد يكون من تَمام تطهيرهم صيانتهم عَن الصَّدَقَة فَإِنَّهَا أوساخ النَّاس

وَبِالْجُمْلَةِ فالتطهير الَّذِي فِي الْآيَة ودعا بِهِ الرَّسُول لَيْسَ هُوَ الْعِصْمَة بالإتفاق فَإِن أهل السّنة يثبتونها للرسول والشيعة لَا يثبتونها لغير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا لعَلي أَو للْإِمَام فانتفت عَن الزَّوْجَات وَالْبَنَات وَغَيرهم وَإِذا كَانَ كَذَلِك امْتنع أَن يكون التَّطْهِير الْمَدْعُو بِهِ للأربعة متضمنا للعصمة الْمُخْتَص بهَا النَّبِي وَالْإِمَام

ثمَّ الدُّعَاء بالعصمة من الذُّنُوب مُمْتَنع على أصل الْقَدَرِيَّة بل والتطهير فَإِن الْأَفْعَال الإختيارية الَّتِي هِيَ فعل الْوَاجِبَات وَترك الْمُحرمَات عِنْدهم غير مقدورة للرب فَلَا يُمكنهُ أَن يَجْعَل العَبْد متطهرا وَلَا طَائِعا وَلَا عَاصِيا فَامْتنعَ على أصلهم الدُّعَاء بِفعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات

وَإِنَّمَا الْمَقْدُور عِنْدهم قدرَة تصلح لهَذَا وَهَذَا كالسيف يصلح لقتل الْمُسلم وَالْكَافِر وَالْمَال يُمكن بذله فِي الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة ثمَّ العَبْد يفعل اشاء من خير أَو شَرّ بِتِلْكَ الْقُدْرَة

والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم فِي إبِْطَال هَذَا القَوْل حَيْثُ دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل بَيته بالتطهير وَإِن قَالُوا المُرَاد بذلك أَنه يغْفر لَهُم وَلَا يؤاخذهم كَانَ ذَلِك أدل على بطلَان دلَالَته على الْعِصْمَة وَيمْتَنع عِنْدهم سُؤال الله الْعِصْمَة من الْمعاصِي وَلَو قدر ثُبُوت الْعِصْمَة فقد قدمنَا أَنه لَا يشْتَرط فِي الإِمَام الْعِصْمَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015