عَلَيْكُم) وَكَقَوْلِه تَعَالَى (يُرِيد الله بكم الْيُسْر) وَقَوله (يُرِيد الله ليبين لكم) (وَالله يُرِيد أَن يَتُوب عَلَيْكُم) فإرادته فِي هَذِه الْآيَات متضمنة لمحبته لذَلِك المُرَاد ورضائه بِهِ وَأَنه شَرعه لَيْسَ فِي ذَلِك أَنه خلق هَذَا المُرَاد وَلَا أَنه قدره وأوجده

وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول الْآيَة قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي فَأذْهب عَنْهُم الرجس فَطلب من الله ذَلِك فَلَو كَانَت الْآيَة تَتَضَمَّن الْوُقُوع وَلَا بُد لم يحْتَج إِلَى الدُّعَاء

وَهَذَا على قَول الْقَدَرِيَّة أظهر فَإِن إِرَادَة الله عنْدكُمْ لَا تَتَضَمَّن وجود المُرَاد بل قد يُرِيد مَا لَا يكون وَيكون مَا لَا يُرِيد

أفنسيت أصلك الْفَاسِد أما على قَوْلنَا فالإرادة نَوْعَانِ شَرْعِيَّة تَتَضَمَّن محبَّة الله وَرضَاهُ كَمَا فِي الْآيَات وَإِرَادَة كونية قدرية تَتَضَمَّن خلقه وَتَقْدِيره كَقَوْلِه (إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم) (فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجا)

ثمَّ إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مذكورات فِي الْآيَات فَبَدَأَ بِهن وَختم بِهن وَسَائِر الْخطاب لَهُنَّ وَإِرَادَة إذهاب الرجس وتطهير أهل الْبَيْت لَيْسَ بمختص بالأزواج بل متناول لكل أهل الْبَيْت وَعلي وَفَاطِمَة وَحسن وحسين أخص من غَيرهم وَلذَلِك خصهم بِالدُّعَاءِ وَثَبت فِي الصَّحِيح أَنه علمهمْ الصَّلَاة عَلَيْهِ اللَّهُمَّ صلى على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته

فَإِن قيل هَب أَن الْقُرْآن لَا يدل على طهارتهم وإذهاب الرجس عَنْهُم لَكِن دعاؤه لَهُم يدل على وُقُوعه قُلْنَا الْمَقْصُود أَن الْقُرْآن بمفرده لَا يدل على ذَلِك فضلا عَن أَن يدل على الْعِصْمَة والإمامة

ثمَّ هَب أَن الْقُرْآن دلّ على طهارتهم فَأَيْنَ لُزُوم الْعِصْمَة وَأَن لَا يجوز عَلَيْهِم خطأ وَلَا سَهْو وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الله لم يرد بِمَا أَمر بِهِ الزَّوْجَات أَن لَا يصدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015