الدنيا، فلم يُؤمن أن يرتبك في الشهوات والملاذِّ، كلما أجاب نفسه إلى واحد منها دعته إلى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط، وينسد باب العبادة دونه، فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال له: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} (?)، فلا ينبغي أن تعود النفس بما تميل به إلى الشَّرَهِ، ثم يصعب تداركها, ولتُرَضْ من أول الأمر على السداد؛ فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد، ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح، والله أعلم.

قال البيهقي: وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه اشترى من اللحم المَهْزول، وجعل عليه سَمْنًا، فرفع عمر يده، وقال: والله ما اجتمعا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ إلا أكل أحدهما، وتصدق بالآخر، فقال ابن عمر: أطْعِمْ يا أمير المؤمنين، فوالله لا يجتمعان عندي أبدًا إلا فعلت ذلك.

1276 - وعن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَتصدَّقُوا، ما لَمْ يُخَالِطْهُ إسْرَافٌ، وَلا مخِيلَةٌ". رواه النسائي، وابن ماجه، ورواته إلى عمرو ثقات، يحتج بهم في الصحيح (?).

1277 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث به إلى اليمن قال له: "إيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ؛ فَإنَّ عِبادَ اللهِ لَيْسُوا بالمُتَنَعِّمِينَ" رواه أحمد، والبيهقي، ورواة أحمد ثقات (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015