859 - وعن أَنس - رضي الله عنه - أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعاذ رَدِيفُه على الرَّحْلِ، قال:

"يَا مُعَاذُ بْن جَبَلٍ؟ " قال: لبَّيك يا رسول الله وسَعْدَيْك - ثلاثاً - قال:

"مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، صِدْقاً مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَة اللهُ عَلَى النَّارِ" (?).

قال: يا رسول الله، أَفلا أُخبر به الناسَ فيستبشرُوا؟ قال: "إِذاً يَتَّكِلُوا" وأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثماً".

رواه البخاري، ومسلم.

"تأثماً" أي: تحرجاً من الإثم، وخوفاً منه أن يلحقه إن كَتَمَه.

قال الحافظ المنذري:

وقد ذهب طوائف من أساطين أهل العلم إلى أن مثل هذه الإطلاقات التي وردت فيمن قال: "لا إلهَ إلَّا اللهُ دخل الجنة، أو حرَّم الله عليه النار" ونحو ذلك، إنما كان في ابتداء الإسلام، حين كانت الدعوة إلى مجرَّدِ الإقرار بالتوحيد، فلما فُرِضَتِ الفرائض، وحُدَّت الحدود نسخ ذلك.

والدلائل على هذا كثيرة متظاهرة، وقد تقدم غير ما حديث يدل على ذلك في كتاب الصلاة، والزكَاة، والصيام، والحج، ويأتي أحاديث أُخر متفرقة إن شاء الله، وإلى هذا القوك ذهب الضحاك، والزهري، وسفيان الثوري وغيرهم.

وقال طائفة أُخرى: لا احتياج إلى ادعاء النسخ في ذلك، فإن كل ما هو من أركان الدين، وفرائض الإسلام، هو من لوازم الإقرار بالشهادتين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015