على جِلْدِهِ حَتي تُخْفِيَ بَنانَهَ وَتَعْفُوَ أثَرَهُ؛ وَأمّا البَخِيلُ فلا يُرِيدُ أنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إلا لزمت كل حَلْقَة مَكانَها، فَهُوَ يُوَسِّعُها فلا تَتَّسِعُ".

رواه البخاري، ومسلم.

"الجنة" بضم الجيم: ما أجَنَّ المرء وسَترَه، والمراد به ها هنا: الدرع.

ومعنى الحديث أن المنفق كلما أنفق طالت عليه، وسبغت حتى تستر بنان رجليه ويديه، والبخيل كلما أراد أن ينفق لزمت كلُّ حلقه مكانها فهو يوسِّعها ولا تتسع، شَبَّه - صلى الله عليه وسلم - نعم الله تعالى ورزقه بالجُنَّةِ - وفي رواية "بالجبة" - فالمنفق كلّما أنفَقَ اتسعت عليه النعم وسَبَغَتْ، ووَفَرَتْ حتى تستره سترًا كاملًا شاملًا، والبخيل كلما أراد أن ينفق منعه الشح، والحرص، وخوف النقص؛ فهو يمنعه بطلب أن يزيد ما عنده، وأن تتسع عليه النعم فلا تتسع، ولا تستر منه ما يروم ستره، والله سبحانه أعلم.

488 - وعن أسماءَ بنت بنت أَبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لا تُوكِي فَيُوكأ عَلَيْكِ".

وفي رواية:

"أنفقي - أو انفحي أو انضحي - ولا تحصي فَيُحصِيَ الله عليك، وَلا تُوعِي فَيُوعِيَ الله عليكِ".

رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود.

"انفحي": بالحاء المهملة، وانضحي، وأنفقي: الثلاثَةُ معنى واحد.

وقوله: "لا توكي" قال الخطابي: لا تدخري، والإيكاء: شَدُّ رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط به، يقول: لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة بركة الرزق عنك، انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015