العلماء أو كثير منهم أو أكثرهم بذلك القول، ولم يستفت فيها الباقون، ولم تبلغهم، فحفظ فيها قول طائفة من أهل العلم، ولم يحفظ لغيرهم فيها قول، والذين حفظ قولهم فيها ليسوا كل الأمة فتحرم مخالفتهم..
ومما يوضح ذلك: أن كل من ترك موجب الدليل لظن الإجماع، فإنه قد تبين لغيره أنه لا إجماع في تلك المسألة، والخلاف فيها قائم، ونحن نذكر طرفاً من ذلك يسيراً يستدل به العالم على ما وراءه:
فمن ذلك: قول مالك- رحمه الله-: لا أعلم أحداً أجاز شهادة العبد، وروى أحمد عن أنس: لا أعلم أحداً رد شهادة العبد.
ومن ذلك قول مالك: لا أعلم أحداً أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أن وجوبها محفوظ عن أبي جعفر الباقر.
وقال الشافعي: أجمعوا على أن المعتق بعضه لا يرث، وقد صح توريثه عن علي، وابن مسعود رضي الله عنهما.
وقال سفيان الثوري: فيمن طلق المدخول بها، ثم راجعها، ثم طلقها: تستأنف العدة، قال: أجمع الفقهاء على هذا؛ فقد حكى الإجماع، مع أن النزاع موجود في ذلك قبله وبعده.
وحكى الليث بن سعد الإجماع على أن المسافر لا يقصر الصلاة في أقل من يومين، والنزاع في ذلك أشهر من أن يذكر.
وقال الشافعي: ودل إجماعهم على أن من حلق في الإحرام عمداً أو خطأ، أو قتل صيداً عمداً أو خطأ، في الكفارة سواء، ومعلوم ثبوت النزاع في ذلك قديماً وحديثاً.
ونقل ابن المنذر: إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم: أنه إذا قال لزوجته: أنت طالق ثلاثاً إن دخلت الدار، ثم طلقها ثلاثاً قبل أن تدخل، فتزوجت، ثم عادت للأول، فدخلت الدار: أنه لا يقع عليها الطلاق،