مباح على أصح الأقوال؛ لعموم قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا) (البقرة: 29) ، وقوله: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْق) (الأعراف: 32) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وسكت عن أشياء؛ رحمة بكم غير نسيان)) ، فما سكت عنه الله ورسوله فهو عفو.
ووجه الدلالة من الآيتين: أن التناول لما في الأرض وللزينة والطيبات عمل.
النوع الثالث: ما لم يكن داخلاً تحت عموم نص، وهو مسكوت عنه، لكنه وسيلة، فهذا له حكم ما كان وسيلة له؛ كاستعمال الأشياء المعينة على تبليغ الكلم من الإذاعات ومكبرات الصوت، وعلى إدراك الأشياء، كنظارة العين، ونحوها.
فهذه: إن استعملت لأمور نافعة، كانت محمودة، وإن استعملت لأمور ضارة، كانت مذمومة، وإن استعملت في أمور مباحة، كانت مباحة، ومن هذا النوع: ما يستخدم الآن في الاستخبارات والتجسس؛ من مسجلات الصوت ونحوها.
ومن هذا أيضاً: تفقد الناس في المساجد؛ فإنه يستعمل ليعين الناس على الحضور إلى الجماعة، ولا أحد يشاهد الحال إلا ويعرف بأن له أثراً كبيراً في حضور الناس إلي الصلاة في الجماعة، ولا ريب أن حضور الناس إلى الجماعة أمر محمود شرعاً؛ فيكون التفقد المعين عليه محمودا كذلك.
هذا على فرض أن التفقد لم يرد به عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء؛ فكيف وقد ورد الحديث بذلك؛ فعن أبي بن كعب- رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح، فقال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا، قال: أشاهد فلان؟ قالوا: لا، قال: إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ... ))