وقال بعض المعتزلة: من يفعل بغير آلةٍ ولا جارحة فهو خالق، ومن يحتاج في فعله إلى الآلات والجوارح فهو مكتسب.

ثم قال: ونحن نقول: هي أفعال للعباد حقيقة، ومفعولة للرب، فالفعل عندنا غير المفعول، وهو إجماع من أهل السنة، فالعبد فعلها حقيقة، والله خالقه وخالق ما فعل به من القدرة والإرادة، وخالق فاعليته.

وسر المسالة أن العبد فاعل منفعل باعتبارين.

ثم قال (ص131) قلت: هاهنا ألفاظ، وهي فاعل، وعامل، ومكتسب، وكاسب، وصانع، ومحدث، وجاعل، ومؤثر، ومنشيء، وموجد، وخالق، وبارئ، ومصور، وقادر، ومريد، وهذه الألفاظ ثلاثة أقسام:

قسم: لم يطلق إلا على الرب؛ كالبارى، والبديع، والمبدع.

وقسم: لا يطلق إلا على العبد، كالكاسب، والمكتسب.

وقسم: وقع إطلاقه على العبد والرب؛ كاسم صانع، وفاعل، وعامل، ومنشيء، ومريد، وقادر.

وأما الخالق المصور: فإن استعملا مقيدين أطلقا على العبد، كما يقال لمن قدر في نفسه شيئاً: إنه خلقه.

وبهذا الاعتبار صح إطلاق خالق على العبد في قوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 14) .

قلت: ووجه ذلك: أن الخالقين جمع مفضل عليهم بالإضافة اسم التفضيل، ومن المعلوم: أنه لا ثم سوى خالق أو مخلوق، فإذا كان الخالق أحسن الخالقين، كان المفضل عليهم مخلوقين، وسماهم الله هنا خالقين، فدل على صحة إطلاق الخالق على المخلوق.

قلت: ومن ذلك قوله تعالى: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكا) (العنكبوت: 17) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015