[ما جاء في الوفاء بالأمان]

مَا جَاءَ فِي الْوَفَاءِ بِالْأَمَانِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَى عَامِلِ جَيْشٍ كَانَ بَعَثَهُ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ حَتَّى إذَا أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ وَامْتَنَعَ قَالَ رَجُلٌ مطرس يَقُولُ: لَا تَخَفْ فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ وَإِنِّي وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تُمَثِّلُوا يُرِيدُ الْعَيْثَ فِي قَتْلِهِمْ بِقَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَفَقْءِ الْعَيْنِ وَقَطْعِ الْآذَانِ وَإِنَّمَا يُقْتَلُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ بِضَرْبِ الرِّقَابِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا رِعَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَاقُوا نَعَمَهُ فَأَمَرَ بِهِمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ» فَإِنَّهُ رَوَى سَلْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ مَنْ مَثَّلَ بِمُسْلِمٍ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْقِصَاصِ وَالْمُقَارَضَةِ عَلَى فِعْلِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا فِي قَتْلِهِمْ بَعْدَ الِاسْتِيثَاقِ مِنْهُمْ فَأَمَّا فِي الْحَرْبِ فَإِنَّهُمْ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنْ يَضْعُفَ الْمُشْرِكُ عَنْ الْمُحَارَبَةِ وَيَسْتَسْلِمَ فَهَذَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ دُونَ التَّمْثِيلِ وَلَا التَّعْذِيبِ وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُقَاتِلًا وَمُدَافِعًا فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَصَّلَ إلَى إذَايَتِهِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ بِمَا فِيهِ تَمْثِيلٌ وَغَيْرُهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقُلْ ذَلِكَ لِجُيُوشِك وَسَرَايَاك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلَامُ إنَّمَا خَصَّ الْأَمِيرَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهَا مَنْ يُنْفِذُهُ مِنْ الْجُيُوشِ وَالسَّرَايَا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُطَاعُ أَمْرُهُ فَإِذَا أَمَرَ بِذَلِكَ مَنْ يُنْفِذُهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[مَا جَاءَ فِي الْوَفَاءِ بِالْأَمَانِ]

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ بَلَغَنِي إنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَطْلُبُونَ الْعِلْجَ يُرِيدُ يَفِرُّ أَمَامَهُمْ فَيَتْبَعُونَهُ حَتَّى إذَا أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ يُرِيدُ صَارَ فِي سَنَدِهِ وَامْتَنَعَ فِيهِ مِمَّنْ طَلَبَهُ قَالَ لَهُ: مطرس وَهَذِهِ لَفْظَةٌ فَارِسِيَّةٌ تَقُولُ الْفُرْسُ مطرس أَيْ لَا تَخَفْ فَإِذَا أَدْرَكَهُ قَتَلَهُ فَأَنْكَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَتْلَهُ بَعْدَ أَنْ أُمِّنَ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِمَا عُقِدَ مِنْ التَّأْمِينِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يُوَفَّى بِالْعَهْدِ فَقَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] وَفِي التَّأْمِينِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ التَّأْمِينِ الْبَابُ الثَّانِي فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ وَالْبَابُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الْمُؤَمِّنِ وَالْبَابُ الرَّابِعُ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ التَّأْمِينُ وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي مُقْتَضَى التَّأْمِينِ.

(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ التَّأْمِينِ) التَّأْمِينُ لَازِمٌ بِكُلِّ لِسَانٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ فَهِمَهُ الْمُؤَمَّنُ أَوْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِأَحَدِ الْجَنْبَتَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُؤَمِّنُ التَّأْمِينَ وَلَمْ يَفْهَمْهُ الْحَرْبِيُّ فَقَدْ لَزِمَ الْأَمَانُ وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمُؤَمِّنُ مَنْعَ الْأَمَانِ فَظَنَّ الْحَرْبِيُّ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْمِينَ فَقَدْ لَزِمَ مِنْ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَقْتُلَهُ بِذَلِكَ الِاسْتِسْلَامِ وَحُكْمُ الْإِشَارَةِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْعِبَارَةِ وَالْكِنَايَةِ لِأَنَّ التَّأْمِينَ إنَّمَا هُوَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ فَيُظْهِرُهُ تَارَةً بِالنُّطْقِ وَتَارَةً بِالْكِنَايَةِ وَتَارَةً بِالْإِشَارَةِ فَكُلُّ مَا بُيِّنَ بِهِ التَّأْمِينُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كَالْكَلَامِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ فِي الْجِهَادُ] 1

(الْبَابُ الثَّانِي فِي وَقْتِ التَّأْمِينِ) التَّأْمِينُ لَازِمٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَرْبِيُّ مَأْسُورًا أَوْ فِي حُكْمِ الْمَأْسُورِ مِمَّنْ تُيُقِّنَتْ غَلَبَتُهُ وَظَهَرَ الظَّفَرُ بِهِ فَأَمَّا الْمَأْسُورُ فَأَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ الِافْتِيَاتُ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ اسْتِرْقَاقُهُ وَلَا عَقْدُ الذِّمَّةِ لَهُ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ تَأْمِينُهُ وَالْمَنُّ عَلَيْهِ وَلَوْ أَشْرَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَخْذِ حِصْنٍ وَتُيُقِّنَ أَخْذُهُ فَأَمَّنَ أَهْلَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانَ لِلْإِمَامِ رَدُّ تَأْمِينِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِمْ فَلَيْسَ لِهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015