. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQصُدِّقَ فِيهِ لَتَسَبَّبَ بِهِ غَيْرُهُ فَهُوَ لَيْسَ بِصَادِقٍ وَلَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ كَمَا لَا يُعْرَفُ صِدْقُ هَذَا الَّذِي ادَّعَى الضَّرُورَةَ إلَى أَكْلِ زُرُوعِ النَّاسِ وَثِمَارِهِمْ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنَّمَا خَصَّ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُحْرَزَ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَاشِيَةُ دُونَ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ هَذِهِ أَوْ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا يَنْتَفِعُ الْمُضْطَرُّ بِوُجُودِهَا وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ كَالثِّيَابِ وَالْعَيْنِ فَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَكْلُهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهَا سَوَاءٌ وَجَدَ مَيْتَةً أَوْ لَمْ يَجِدْهَا وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَجِدُ بِهِ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ الثِّيَابَ أَوْ يَبِيعُهُ طَعَامًا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَمَا جَازَ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلَا أَخْذُ مَالِ غَيْرِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُظْهِرَ ضَرُورَتَهُ وَيَسْأَلَ فَإِنْ وُهِبَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ثَمَنٌ أَوْ بِيعَ مِنْهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ثَمَنٌ وَإِلَّا جَازَ لَهُ قِتَالُهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْعِهِ الْمَاءَ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَفِي الْمَبْسُوطِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ خَافَ مِنْ السِّبَاعِ فَجَاعَ فَتَضَيَّفَ قَوْمًا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُ فَلَا يَتَضَيَّفُهُمْ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَلْيَأْكُلْ الْمَيْتَةَ وَلْيَكُفَّ عَنْهُمْ وَعَنْ أَمْوَالِهِمْ إلَّا مَا لَا قَطْعَ فِيهِ يُرِيدُ بِأَمْوَالِهِمْ مَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَبِيبٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إيرَادًا حَسَنًا فَبَيَّنَهَا وَاخْتَصَرَهَا فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَزَلَتْ بِهِ مَخْمَصَةٌ خَافَ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَكَانٍ فِي مَالِ مُسْلِمٍ يُمْكِنُهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَمَا كَانَ مِنْ الثِّمَارِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ لَا قَطْعَ فِيهِ فَلْيَأْكُلْ مِنْهَا مَا يَرُدُّ نَفْسَهُ ثُمَّ يَكُفُّ وَلَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَإِنْ كَانَتْ الثِّمَارُ قَدْ أُحْرِزَتْ فَلْيَأْكُلْ الْمَيْتَةَ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَمَا كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ الثِّمَارِ فَإِنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَهَذَا إذَا وَجَدَ مَيْتَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا وَخَافَ الْمَوْتَ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ وَجَدَ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ حَضَرَ صَاحِبُ الْمَالِ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ فَإِنْ مَنَعَهُ فَجَائِزٌ لِلَّذِي خَافَ الْمَوْتَ أَنْ يُقَاتِلَهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى أَكْلِ مَا يَرُدُّ بِهِ نَفْسَهُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَدْعُوهُ أَوَّلًا إلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَيُعَرِّفَهُ بِضَرُورَتِهِ فَإِنْ أَبَى اسْتَطْعَمَهُ فَإِنْ أَبَى أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ عِوَضٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ذِمَّةَ الْإِنْسَانِ بَدَلٌ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا بِعِوَضٍ فَكَذَلِكَ مَا يُعَاضُ مِنْهُ.
1 -
(فَرْعٌ) وَإِذَا أَكَلَ الْمُضْطَرُّ إلَى الْمَيْتَةِ مَالَ غَيْرِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ وَقِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِغَيْرِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَغَيْرِ الْمُضْطَرِّ فَإِنَّ اضْطِرَارَهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ دُونَ إسْقَاطِ عِوَضِهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ مَالٌ جَازَ لَهُ إتْلَافُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ أَصْلُ ذَلِكَ الْمُبَاحُ الَّذِي لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) وَمَنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَلَمْ يُذَكِّ الصَّيْدَ لِأَنَّ بِذَكَاتِهِ يَكُونُ مَيْتَةً وَقَتْلُهُ مُحَرَّمٌ حَالَ إحْرَامِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَوْ نَابَنِي ذَلِكَ لَأَكَلْت الصَّيْدَ وَإِنْ وَجَدْت مَيْتَةً وَخِنْزِيرًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَيَمْتَنِعَ مِنْ الْخِنْزِيرِ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِوَجْهٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ لَحْمِ بَنِي آدَمَ وَإِنْ خَافَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ لِحِفْظِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ مَيِّتًا.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَادِمَ لِلطَّعَامِ الْمُضْطَرِّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَالْقَفْرِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
وَأَمَّا فِي الْحَوَاضِرِ وَالْمُدُنِ فَلْيَسْأَلْ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْلُو السَّفَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَفَرًا مُبَاحًا أَوْ سَفَرًا مُحَرَّمًا أَوْ سَفَرًا مَكْرُوهًا فَأَمَّا السَّفَرُ الْمُبَاحُ فَهُوَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ فِيهِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَأَمَّا السَّفَرُ الْمُحَرَّمُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَرَوَى زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيُّ أَنَّ الْعَاصِيَ فِي سَفَرِهِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَيُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ