ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا نُحِرَتْ النَّاقَةُ فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي ذَكَاتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQانْفَرَدَ سَيَلَانُ الدَّمِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي عَلَى أُصُولِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا لِأَنَّ مَالِكًا إنْ كَانَ أَرَادَ بِجَوَابِهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّائِلِ إضَافَةَ جَوَابِهِ إلَى سُؤَالِ السَّائِلِ فِي سَيَلَانِ الدَّمِ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ أَكْلَهَا إلَّا بِأَنْ يَسِيلَ دَمُهَا وَتَقْتَرِنَ بِذَلِكَ حَرَكَتُهَا بِالنَّفَسِ أَوْ طَرْفِ الْعَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ فِي سَيَلَانِ الدَّمِ وَاسْتَأْنَفَ الْجَوَابَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ بِسَيَلَانِ الدَّمِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ عِنْدَهُ فِيهَا وَرَاعَى الْحَرَكَةَ خَاصَّةً فَلَا تُؤْكَلُ الْمَكْسُورَةُ الَّتِي تَنْفَرِدُ بِسَيَلَانِ الدَّمِ وَلَوْ انْفَرَدَتْ الْحَرَكَةُ دُونَ سَيَلَانِ الدَّمِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَعِنْدِي أَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْخِلَافَ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الَّتِي يَئِسَ مِنْ بَقَاءِ حَيَاتِهَا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَكِنَّهَا أُدْرِكَتْ بِالذَّكَاةِ حَيَاتُهَا فَيُقَالُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهَا كَالْمَرِيضَةِ وَيُقَالُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَرِيضَةِ بِمَا تَقَدَّمَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْمَرِيضَةُ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا سَالَ دَمُهَا وَتَحَرَّكَتْ بَعْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ تُؤْكَلْ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْهَا الْحَيَاةُ بَيِّنَةً بِالنَّفَسِ الْبَيِّنِ أَوْ الْعَيْنِ تَطْرِفُ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ سَيَلَانُ الدَّمِ وَلَا الْحَرَكَةُ وَلَكِنْ وَجْهُ دَلِيلِ الْحَيَاةِ بِالنَّفَسِ الْمُتَرَدِّدِ أَوْ الْعَيْنِ تَطْرِفُ فَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْحَرَكَةَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ تُبِيحُ الْأَكْلَ دُونَ سَيَلَانِ الدَّمِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَةَ: إذَا اضْطَرَبَتْ أُكِلَتْ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا وَأَمَّا إنْ سَالَ دَمُهَا وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ وَأَمَّا الْمَرِيضَةُ فَإِنْ كَانَ نَفَسُهَا يَجْرِي وَحَرَكَتُهَا تُعْرَفُ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِحَرَكَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ قَالَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْعَيْنُ تَطْرِفُ أَوْ يَسْتَفِيضُ نَفَسُهَا فِي جَوْفِهَا أَوْ مَنْحَرِهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ مَا كَانَ مِنْهَا عِنْدَ مَرِّ الشَّفْرَةِ بِحَلْقِهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ فَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ إنَّ الْمَرِيضَةَ مُخَالِفَةً لِلصَّحِيحَةِ وَإِنَّ الصَّحِيحَةَ تُؤْكَلُ بِسَيَلَانِ الدَّمِ خَاصَّةً وَإِنَّ الْمَرِيضَةَ لَا تُؤْكَلُ بِذَلِكَ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهَا أَحَدُ هَذِهِ الْأَرْبَعِ وَعَطْفُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ فَفِي هَذَا أَنَّ الْحَرَكَةَ عِنْدَهُ أَقْوَى فِي بَقَاءِ الْحَيَاةِ مِنْ سَيَلَانِ الدَّمِ لِأَنَّ الْحَرَكَةَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَيَاةِ وَأَحْكَامِهَا وَأَمَّا سَيَلَانُ الدَّمِ فَإِنَّهُ انْفِصَالُ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجِسْمِ مِنْ بَعْضٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ مَالِكٍ إنْ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ مَعْنَى جَرَيَانِ نَفَسِهَا تَرَدُّدُهُ عَلَى حَسَبِ التَّنَفُّسِ فَأَمَّا خُرُوجُ الرِّيحِ مِنْ الْجَسَدِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ مِنْ جَرَيَانِ النَّفَسِ وَسُؤَالُ السَّائِلِ لِمَالِكٍ عَنْ عَدَمِ الْحَرَكَةِ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَالِكًا أَجَابَهُ إنَّ عَدَمَ الْحَرَكَةِ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا إذَا صَادَفَتْ نَفَسًا يَجْرِي وَعَيْنًا تَطْرِفُ حِينَ الذَّكَاةِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي الْمُزَنِيَّة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قِيلَ لِابْنِ نَافِعٍ فَلَوْ أَنَّ سَبُعًا حَمَلَ عَلَى شَاةٍ فَاسْتَنْقَذْتُهَا مِنْهُ فَذَبَحْتُهَا وَهِيَ تَطْرِفُ فَلَمَّا فَرَغْت مِنْ ذَبْحِهَا لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ: إذَا ذَبَحْتَهَا وَنَفَسُهَا تَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا فَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْحَرَكَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ النَّفَسِ الَّذِي يَجْرِي وَالْعَيْنِ الَّتِي تَطْرِفُ حَالَ الذَّبْحِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ الْحَيَاةَ تُعْرَفُ بِحَرَكَةِ الرِّجْلِ أَوْ الذَّنَبِ أَوْ الْعَيْنِ تَطْرِفُ أَوْ النَّفَسِ تَسْتَفِيضُ فِي جَوْفِهَا أَوْ مَنْحَرِهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ الْأَرْبَعَ كَانَ مِنْهَا عِنْدَ مَرِّ الشَّفْرَةِ عَلَى حَلْقِهَا يُرِيدُ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمِ فِي الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ.