. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQجِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا لَا تُرْجَى حَيَاتُهُ فَلَمْ تَجُزْ ذَكَاتُهُ أَصْلُ ذَلِكَ مَا أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَرِيضَةِ فِيمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ لِنُصْرَةِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُتَرَدِّيَةَ وَالنَّطِيحَةَ طَرَأَ عَلَيْهَا مَا الْأَغْلَبُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّ الذَّكَاةَ أَفَاتَتْ نَفْسَهَا لِأَنَّا نَخَافُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الَّذِي أَفَاتَ نَفْسَهَا مَا نَزَلَ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَرِيضَةُ فَإِنَّهُ لَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَيُظَنُّ بِهَا مِنْ أَجْلِهِ الْمَوْتُ فَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الذَّكَاةَ أَفَاتَتْ نَفْسَهَا كَالصَّحِيحَةِ وَكَذَلِكَ إذَا أُدْرِكَتْ حَيَاتُهَا ظَاهِرَةً فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا يُرْجَى بَقَاءُ حَيَاتِهَا أَمْ لَا.
(فَصْلٌ) :
وَسُؤَالُ السَّائِلِ لِمَالِكٍ عَنْ شَاةٍ تَرَدَّتْ فَتَكَسَّرَتْ التَّرَدِّي إذَا كَانَ مِنْهُ كَسْرٌ يُؤَدِّي إلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تُنْفَذَ الْمَقَاتِلُ وَهِيَ خَمْسَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا: انْقِطَاعُ النُّخَاعِ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ الشَّحْمُ الْأَبْيَضُ الَّذِي فِي وَسَطِ فَقَارِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ وَالثَّانِي انْتِثَارُ الدِّمَاغِ وَالثَّالِثُ فَرْيُ الْأَوْدَاجِ وَالرَّابِعُ انْفِتَاقُ الْمُصْرَانِ وَالْخَامِسُ انْتِثَارُ الْحَشْوَةِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي انْدِقَاقِ الْعُنُقِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعِ نُخَاعِهِ فَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاتِلِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْتَلٍ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ انْقِطَاعُ نُخَاعِهِ فَهَذِهِ الْمَعَانِي مَتَى حَصَلَتْ مِنْ تَرَدٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَقَدْ فَاتَتْ الذَّكَاةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَقَدْ اسْتَحَالَ دَوَامُ حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا حَرَكَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ اضْطِرَابِ الْمَيِّتِ وَتَحَرُّكِهِ عِنْدَ فَوَاتِ نَفْسِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَنْكَسِرَ مِنْهَا عُضْوٌ وَيُرْجَى بَقَاءُ حَيَاتِهَا سَوَاءٌ رَجَى انْجِبَارَ مَا انْكَسَرَ مِنْهَا أَوْ يَئِسَ مِنْهُ فَهَذَا لَا خِلَافَ أَيْضًا فِي جَوَازِ ذَكَاتِهَا لِأَنَّهَا لَا تُرْجَى حَيَاتُهَا كَاَلَّتِي لَمْ تَنْكَسِرْ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ يُنْفَذُ مَقَاتِلُهَا إلَّا أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ قَدْ بَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ لَا تَبْقَى حَيَاتُهَا أَوْ يُشَكُّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا وَأَصْحَابِهِ فِي صِحَّةِ ذَكَاتِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا الْمَعْنَى اخْتَلَفَ جَوَابُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَعَلَّهُمَا إنَّمَا سَهَّلَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ زَيْدٌ: إنَّ الْمَيْتَةَ لَتَتَحَرَّكُ يُرِيدُ عِنْدَ مَوْتِهَا فَإِذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ الذَّكَاةَ صَادَفَتْ حَيَاةً كَامِلَةً لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا عِنْدَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِيهِ وَسَنُفْرِدُ لَهُ بَابًا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ السَّائِلِ فِي شَاةٍ كُسِرَتْ إنْ ذَبَحَهَا فَسَالَ الدَّمُ مِنْهَا وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فَقَالَ مَالِكٌ فِي جَوَابِهِ إنْ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا تَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إذَا أَدْرَكَتْهَا الذَّكَاةُ وَنَفَسُهَا تَجْرِي وَعَيْنُهَا تَطْرِفُ فَقَدْ أَدْرَكَ الذَّكَاةَ لِإِدْرَاكِهِ حَيَاتَهَا سَوَاءٌ سَالَ الدَّمُ أَوْ لَمْ يَسِلْ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَرِيضَةِ إذَا اضْطَرَبَتْ أُكِلَتْ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمُهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ مَبْنِيًّا عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّتِي سَالَ دَمُهَا إذَا ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا تَجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا فَجَاوَبَ عَنْ الذَّبِيحَةِ الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْأَمْرَانِ سَيَلَانُ دَمِهَا دُونَ الْحَرَكَةِ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ الْيَأْسُ مِنْ حَيَاتِهَا وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى إدْرَاكِ الْحَيَاةِ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى إدْرَاكِ الْحَيَاةِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُمَا قَالَا: لِلْحَيَاةِ عَلَامَاتٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا وَهِيَ خَمْسُ عَلَامَاتٍ: سَيَلَانُ الدَّمِ وَالطَّرْفُ بِالْعَيْنِ وَجَرَيَانُ النَّفَسِ وَتَحْرِيكُ الذَّنَبِ وَالرَّكْضُ بِالرِّجْلِ فَأَمَّا سَيَلَانُ الدَّمِ فَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَذَبَحَهَا فَسَالَ دَمُهَا وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: تُؤْكَلُ وَلَا يُمْكِنُ عِنْدِي فِي الصَّحِيحَةِ أَنْ تَتَحَرَّكَ وَلَا يَسِيلُ دَمُهَا فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْمَكْسُورَةُ فَإِذَا حَمَلْنَا قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الَّتِي سَالَ دَمُهَا وَنَفَسُهَا يَجْرِي وَعَيْنُهَا تَطْرِفُ فَلْيَأْكُلْهَا فَجَمَعَ بَيْنَ جَرْيِ الدَّمِ وَالْحَرَكَةِ لِأَنَّ جَرَيَانَ النَّفَسِ وَطَرْفَ الْعَيْنِ مِنْ بَابِ الْحَرَكَةِ وَلَوْ