(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ مَاءٌ دَافِقٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي الْقُبْلَةِ إلَّا الْهَدْيُ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي يُصِيبُهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِرَارًا فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَهِيَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُطَاوِعَةٌ إلَّا الْهَدْيُ وَحَجٌّ قَابِلٌ إنْ أَصَابَهَا فِي الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ أَصَابَهَا فِي الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهَا قَضَاءُ الْعُمْرَةِ الَّتِي أُفْسِدَتْ وَالْهَدْيُ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَيُوجِبُ ذَلِكَ أَيْضًا الْمَاءُ الدَّافِقُ إذَا كَانَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْحَجَّ يَفْسُدُ بِإِنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ دُونَ الْفَرْجِ.

(وَقَالَ) أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَفْسُدُ الْحَجَّ شَيْءٌ مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وَالرَّفَثُ إتْيَانُ النِّسَاءِ وَمُبَاشَرَتُهُنَّ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] فَنَهَى عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ فِعْلٌ مَحْظُورٌ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ يُفْضِي إلَى الْإِنْزَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسِدَ الْحَجَّ أَصْلُ ذَلِكَ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ.

1 -

(فَصْلٌ)

قَوْلُهُ وَأَمَّا رَجُلٌ ذَكَرَ شَيْئًا حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ دَافِقٌ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ اسْتِدَامَةُ التَّذَكُّرِ وَتَرْدِيدُهُ عَلَى قَلْبِهِ حَتَّى يُنْزِلَ لِأَنَّهُ أَتَى بِلَفْظِ الْغَايَةِ فَقَالَ: إنَّهُ إنْ ذَكَرَ شَيْئًا حَتَّى أَنْزَلَ وَذَلِكَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِيمَا يُسْتَدَامُ وَيُكَرَّرُ وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ كَرَّرَ التَّذَكُّرَ حَتَّى أَنْزَلَ رِوَايَتَيْنِ وَاَلَّذِي رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ الْحَجَّ وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْهَدْيُ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَصَدَ مَعْنًى يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْإِنْزَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسِدَ حَجَّهُ إذَا أَنْزَلَ بِهِ أَصْلُ ذَلِكَ الْمُبَاشَرَةُ.

وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مَعْنَى لَوْ أَنْزَلَ بِهِ عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ فَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَهُ كَالِاحْتِلَامِ لِمَنْ نَامَ فَقَصَدَ الِاحْتِلَامَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مَنْ تَذَكَّرَ شَيْئًا فَأَنْزَلَ فَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَيْسَرَةَ: وَيُهْدِي وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَجْرَى عَلَى قَلْبِهِ ذِكْرًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْقُبْلَةَ مَمْنُوعَةٌ لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ فَإِذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِنْزَالِ لَمْ يَجِبْ بِهَا إلَّا الْهَدْيُ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِهَا الْهَدْيُ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نُسُكِهِ نَقْصًا بِمَا أَتَاهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَزِمَهُ الْهَدْيُ لِيُجْبَرَ بِذَلِكَ مَا أَدْخَلَ عَلَى نُسُكِهِ مِنْ النَّقْصِ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَدْيَهُ بَدَنَةٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ هَدْيٌ يَجِبُ بِالِاسْتِمْتَاعِ فَكَانَ بَدَنَةً كَهَدْيِ الْوَطْءِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَكُلُّ مَا فِيهِ نَوْعٌ مِنْ الِالْتِذَاذِ بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَمَا كَانَ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّذَّةِ كَالْقُبْلَةِ فَفِيهِ الْهَدْيُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِلَّذَّةِ وَلِغَيْرِ لَذَّةٍ مِثْلُ لَمْسِ كَفِّهَا أَوْ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا فَمَا أَتَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ فَمَمْنُوعٌ وَمَا كَانَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ فَمُبَاحٌ.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي يُصِيبُهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِرَارًا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِأَوَّلِ وَطْءٍ.

وَأَمَّا الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ هَدْيٌ وَلَا حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْوَطْءِ الثَّانِي أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى وَطِئَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ الْوَطْءِ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ لِلْوَطْءِ الثَّانِي وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: مِثْلُ قَوْلِنَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ كُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةٌ سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِي وَطْءٌ قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَمْ يُفْسِدْ نُسُكًا فَلَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً أَصْلُهُ إذَا وَطِئَ ثَانِيَةً قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ الْأُولَى.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ وَهِيَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُطَاوِعَةٌ لِمَا بَيَّنَّاهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَةَ لَا هَدْيَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَزِمَهَا الْقَضَاءُ غَيْرَ أَنَّ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهَا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهَا مَا يَلْزَمُهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ وَأَمَّا حُقُوقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015