. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحِلَاقِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ؛ لِأَنَّ الْحِلَاقَ تَحَلُّلٌ مِنْ النُّسُكِ، وَلَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مَالِكٍ وَاحْتَجَّ ابْنُ حَبِيبٍ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ أَوْ مَسَّ الطِّيبَ أَوْ النِّسَاءَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَقْدِيمِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ) .

وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُتَأَخِّرًا عَمَّا قَبْلَهَا إذَا كَانَ غَايَةً لَهُ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ التَّمَتُّعَ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَدْخُلُ فِي أَوَّلِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَيَأْتِي بِالْعُمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ الْإِتْيَانُ بِالْحَجِّ أَوْلَى لِيَتَرَفَّهَ بِالْعُمْرَةِ إلَى أَنْ يَرِدَ زَمَنُ الْحَجِّ فَيُحْرِمَ بِهِ، وَهُوَ إذَا قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَقَدْ عَرِيَ عَنْ هَذَا الْعُمُومِ وَأَتَى بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ وَلَعَلَّهُ قَدْ أَحْرَمَ فِي أَوَّلِ أَشْهُرِهِ فَلَمْ يَتَمَتَّعْ بِشَيْءٍ أَلْبَتَّةَ وَلَا تَرَخَّصَ بِتَحَلُّلٍ مِنْ نُسُكٍ فِي شُهُورِهِ وَهَذَا إذَا قُلْنَا: إنَّ جَمِيعَ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنَّ قُلْنَا: إنَّ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ مِنْهُ لَيْسَتْ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْإِهْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) .

وَأَمَّا الشَّرْطُ الْخَامِسُ وَهُوَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَيَفُوتَ حُكْمُ الْإِرْدَافِ فَلَا يَكُونُ قَارِنًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ لَهُ ذَلِكَ كَانَ قَارِنًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا.

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مَكِّيٍّ) .

وَأَمَّا الشَّرْطُ السَّادِسُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَكِّيًّا فَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] فَخَصَّ بِهِ غَيْرَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَكِّيَّ لَا يَلْزَمُهُ سَفَرٌ لِحَجٍّ وَلَا لِعُمْرَةٍ فَيَتَرَخَّصُ لِتَرْكِ أَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمَكِّيِّ قَدْ قُلْنَا: إنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى أُفُقِهِ أَوْ إلَى مِثْلِ أُفُقِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَهَذَا حُكْمُ الْمَكِّيِّ بِمَوْضِعِهِ.

(فَرْعٌ) وَحَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ: إنَّ مَنْ كَانَ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهَا الصَّلَاةُ فَهُوَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَالَ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا لَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ قَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُمْ دُونَ الْمِيقَاتِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] يَقْتَضِي مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مُقِيمًا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَوْجُودًا عِنْدَهُ وَهَذَا الْقِسْمُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مِنْ حَاضِرِي مَوْضِعِ كَذَا وَمِنْ حَاضِرَةِ فُلَانَةَ وَلَا يُقَالُ لِمَنْ كَانَ دُونَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسِيرَةَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَحْضُرُ أَهْلُهُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.

(فَرْعٌ) وَحُكْمُ أَهْلِ ذِي طُوًى فِي ذَلِكَ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ فِي الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ اتِّصَالُ الْبُيُوتِ الْمُجَاوِرَةِ وَالْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إنْ حَجَّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُتَمَتِّعِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ الَّذِي اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ حَجِّهِ وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَكِّيًّا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَرْعٌ) وَهَذَا حُكْمُ الْحُرِّ، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّهُ لَا يُهْدِي إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَلْيَصُمْ وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِلْهَدْيِ قَالَهُ مَالِكٌ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ كَامِلِ الْمِلْكِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لِهَدْيٍ يَمْلِكُ أَنْ يُهْدِيَهُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَهَذَا الْهَدْيُ عَمَّا دَخَلَ الْعِبَادَةَ مِنْ النَّقْصِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْحَرَهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015