(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الزَّبِيبُ كُلُّهُ أَسْوَدُهُ وَأَحْمَرُهُ فَإِذَا قَطَفَ الرَّجُلُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْقُطْنِيَّةُ هِيَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهَا وَأَلْوَانُهَا وَالْقُطْنِيَّةُ الْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْبَانُ وَكُلُّ مَا ثَبَتَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ قُطْنِيَّةٌ فَإِذَا حَصَّلَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِالصَّاعِ الْأَوَّلِ صَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْنَافِ الْقُطْنِيَّةِ كُلِّهَا لَيْسَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ فَإِنَّهُ يُجْمَعُ ذَلِكَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ وَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْقُطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ النَّبَطِ وَرَأَى أَنَّ الْقُطْنِيَّةَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ وَأَخَذَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ)
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تُجْمَعُ الْقُطْنِيَّةُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ حَتَّى تَكُونَ صَدَقَتُهَا وَاحِدَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدُّخْنَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا التَّفَاضُلُ وَإِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ صِنْفًا وَاحِدًا فِي الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ مَا يُصَحِّحُ هَذَا الْبِنَاءَ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ الزَّبِيبَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ أَسْوَدَهُ وَأَحْمَرَهُ يُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ وَاحِدَةٌ وَمُعْظَمُ مَقْصُودِهِ سَوَاءٌ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِهِ مَقَاصِدُ وَأَغْرَاضٌ لَيْسَتْ فِي سَائِرِهِ إلَّا أَنَّ مُعْظَمَ الْمَقَاصِدِ مُتَّفِقٌ وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الزَّكَاةُ وَالْجَمْعُ فِيهَا وَاعْتِبَارُ أَجْنَاسِهَا.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْحُبُوبِ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَاَلَّذِي يُقْتَاتُ مِنْ ذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالْأُرْزُ وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ وَالْبَاقِلَاءُ وَالْحِمَّصُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْبَانُ وَالْعَدَسُ وَالتُّرْمُسُ وَالْبَسِيلَةُ وَالسِّمْسِمُ وَحَبُّ الْفُجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذِهِ الْحُبُوبُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْهَا مَا هُوَ صِنْفٌ لِنَفْسِهِ لَا يُضَمُّ إلَى غَيْرِهِ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمِنْهَا مَا يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ كَمَا تُضَمُّ أَنْوَاعُ التَّمْرِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَذَلِكَ كَالْقَطَانِيِّ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَهِيَ الْفُولُ وَاللُّوبِيَا وَالْحِمَّصُ وَالتُّرْمُسُ وَالْجُلْبَانُ وَالْعَدَسُ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا لِتَقَارُبِ مَنَافِعِهَا وَاتِّفَاقِ مُعْظَمِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا وَأَمَّا الْبَسِيلَةُ وَهِيَ الْكِرْسِنَّةُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا مِنْ الْقُطْنِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ هِيَ صِنْفٌ عَلَى حِدَتِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقَطَانِيِّ فِي الْبُيُوعِ فَمَرَّةً قَالَ إنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ وَمَرَّةً قَالَ هِيَ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الزَّكَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ فِي الزَّكَاةِ صِنْفٌ وَاحِدٌ دُونَ خِلَافٍ وَهِيَ فِي الْبُيُوعِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَهَذَا الظَّاهِرُ مِنْ الْمُوَطَّأِ لِمَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا صِنْفًا مُنْفَرِدًا لَا يُضَافُ إلَى غَيْرِهِ فِي الزَّكَاةِ وَالْبُيُوعِ؛ لِأَنَّنَا إنْ عَلَّلْنَا الْجِنْسَ بِانْفِصَالِ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ اطَّرَدَ ذَلِكَ فِيهَا وَانْعَكَسَ وَصَحَّ، وَإِنْ عَلَّلْنَا بِاخْتِلَافِ الصُّوَرِ وَالْمَنَافِعِ صَحَّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ -.
(ش) : اسْتَدَلَّ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَفَّفَ عَنْ النَّبَطِ فِيمَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ مِنْ الْحِنْطَةِ لَمَّا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا آكَدَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْوَاتِ وَالْقَطَانِيِّ الَّتِي هِيَ لِلْأُدْمِ وَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ الْقَطَانِيِّ الْعُشْرَ كَامِلًا فَعُلِمَ بِذَلِكَ اخْتِلَافُهَا فِي الْمَنَافِعِ وَالْمَقَاصِدِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا سَوَاءً وَالْمَنَافِعُ بِهَا مُتَّفِقَةً لَكَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي كَثْرَةِ جَلْبِهَا إلَى الْمَدِينَةِ سَوَاءً، وَلَا يُدْخَلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الزَّيْتُ وَالْحِنْطَةُ فَإِنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمَا جَمِيعًا نِصْفَ الْعُشْرِ لِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْجِنْسَيْنِ حَاجَةً مُتَسَاوِيَةً مَعَ اخْتِلَافِ مَنَافِعِهِمَا إلَّا أَنَّهُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي تَتَّفِقُ مَنَافِعُهُ وَتَتَسَاوَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَخْتَصَّ الْحَاجَةُ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ فَلِذَلِكَ عَلَّقَ الْحُكْمَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِاخْتِلَافِ حُكْمِ الْحِنْطَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسَاوِي الْحَاجَةِ فِي الْحِنْطَةِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ -.
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تُجْمَعُ الْقُطْنِيَّةُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ حَتَّى تَكُونَ صَدَقَتُهَا وَاحِدَةً وَالرَّجُلُ يَأْخُذُ مِنْهَا اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحِنْطَةِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ قِيلَ لَهُ فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ يُجْمَعَانِ فِي الصَّدَقَةِ وَقَدْ يُؤْخَذُ بِالدِّينَارِ أَضْعَافُهُ فِي الْعَدَدِ مِنْ الْوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ) .