. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ الْحِنْطَةَ تَجْمَعُ أَنْوَاعَهَا كُلَّهَا كَمَا تَجْمَعُ أَنْوَاعَ التَّمْرِ فَتُجْمَعُ الْمَحْمُولَةُ وَهِيَ الْبَيْضَاءُ إلَى السَّمْرَاءِ فَإِذَا بَلَغَتْ النِّصَابَ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُجْمَعُ إلَى الْحِنْطَةِ الشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ لَا يَخْتَلِفُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَا إنَّ الشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنْسٌ مُنْفَرِدٌ غَيْرُ الْحِنْطَةِ لَا تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ وَلَا يُتَّجَهُ بَيْنَنَا فِي هَذَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافٌ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي التَّسْمِيَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعِي النِّصَابَ فِي الْحُبُوبِ فَهُوَ يُزَكِّي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَنَا عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهَا وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي أَشْيَاءَ وَلَيْسَتْ بِجِنْسٍ وَاحِدٍ فِي الزَّكَاةِ.
وَقَدْ صَرَّحَ مَالِكٌ أَنَّ الْقَطَانِيَّ فِي الْبُيُوعِ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ وَهِيَ عِنْدَهُ فِي الزَّكَاةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ.
وَقَدْ عَوَّلَ أَصْحَابُنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى فَصْلَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَشْيَاءَ أَعْنِي الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ لَا يَنْفَكُّ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فِي الْمَنْبَتِ وَالْمِحْصَدِ فَكَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا كَالْحِنْطَةِ وَالْعَلَسِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ.
وَالصِّنْفُ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ مَنَافِعَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مُتَقَارِبَةٌ وَمَقَاصِدَهَا مُتَسَاوِيَةٌ فَحُكِمَ لَهَا بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَالسَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ تَشَابُهُ الْحِنْطَةِ وَالسُّلْتِ فِي الصُّورَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهُمَا أَقْرَبُ تَشَابُهًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْعَلَسِ وَقَدْ سَلَّمَ لَنَا الْمُخَالِفُ الْعَلَسَ فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ السُّلْتِ وَإِذَا سَلَّمَ السُّلْتَ لَحِقَ بِهِ الشَّعِيرُ فَإِنَّ الْأُمَّةَ بَيْنَ قَائِلَيْنِ قَائِلٌ يَقُولُ إنَّ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَقَائِلٌ يَقُولُ: إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ فَمَنْ قَالَ إنَّ السُّلْتَ وَالْحِنْطَةَ صِنْفٌ وَالشَّعِيرَ صِنْفٌ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الصِّنْفِ لِتَحْتَمِلَ الْأَمْوَالُ الْمُوَاسَاةَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جِنْسٌ مِنْ الْمَالِ يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ أَدَّى زَكَاتَهُ، وَإِذَا قَصَرَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ لِضِيقِ الْمَالِ عَنْ احْتِمَالِ الْمُوَاسَاةِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَمْوَالُ الَّتِي عِنْدَهُ مَنْفَعَتُهَا وَاحِدَةً وَمُعْظَمُ مَقْصُودِهَا سَوَاءً احْتَمَلَتْ الْمُوَاسَاةَ مِنْ جَمِيعِهَا، وَلَمْ يَضِقْ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الزَّكَاةِ انْتِفَاعُهُ بِذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الْمَالِ وَلَا ضَاقَ عَلَيْهِ جِنْسُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِمُوَاسَاتِهِ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ مَا يُقَوَّمُ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا يَعُودُ إلَى انْتِفَاعِهِ وَاسْتِضْرَارِهِ بِمَا يُخْرَجُ مِنْ الزَّكَاةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ فِي أَشْخَاصٍ مُتَّفِقَةَ الصُّورَةِ وَالْأَسْمَاءِ أَوْ مُخْتَلِفَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ الْأَسْمَاءُ مُتَّفِقَةً وَالْمَنَافِعُ مُخْتَلِفَةً لِاسْتِضْرَارِ انْتِفَاعِهِ بِإِخْرَاجِ بَعْضِ نَوْعٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَا يَحْتَمِلُ مَا عِنْدَهُ مِنْ نَوْعِهَا الْمُوَاسَاةَ فَإِذَا أُخْرِجَ مِنْهَا مَعَ قِلَّتِهَا لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ مِنْهَا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ أَنْوَاعُ مَنَافِعَ أُخَرَ تُوَافِقُ هَذِهِ فِي الْأَسْمَاءِ دُونَ الْمَنَافِعِ؛ وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ التِّجَارَةَ وَالتَّصَرُّفَ لِلتَّنْمِيَةِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَالصُّوَرِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْعَلَسُ فَهُوَ الْأَشْقَالِيَةُ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ فِي الزَّكَاةِ، وَتَحْرِيمُ التَّفَاضُلِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ سَأَلْت ابْنَ كِنَانَةَ عَنْ الْأَشْقَالِيَةِ وَفَسَّرْنَا لَهُ أَمْرَهَا وَمَنْفَعَتَهَا هَلْ تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ مَعَ الْقَمْحِ وَأَرَيْنَاهُ إيَّاهَا فَقَالَ: هَذَا صِنْفٌ مِنْ الْحِنْطَةِ يُقَالُ لَهُ الْعَلَسُ يَكُونُ بِالْيَمَنِ وَهُوَ يُجْمَعُ فِي الْحِنْطَةِ مَعَ الزَّكَاةِ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّ مَنْفَعَتَهُ مِنْ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الْقَمْحِ وَلَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْهُ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ إنَّهُ لَا يُصْحَبُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فِي الْوُجُودِ فَيُوجَدُ حَيْثُ يُعْدَمُ وَيُعْدَمُ حَيْثُ يُوجَدُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَأَمَّا الذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا صِنْفٌ مُنْفَرِدٌ لَا يُضَافُ إلَى شَيْءٍ وَلَا يُضَافُ إلَيْهِ شَيْءٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَرَوَى زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالذُّرَةَ وَالْأُرْزَ