(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ إبِلٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ يَجِبُ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا الصَّدَقَةُ ثُمَّ أَفَادَ إلَيْهَا بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً صَدَّقَهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ حِينَ يُصَدِّقُهَا قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي ذَلِكَ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الْفَرِيضَةِ تَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَلَا يُوجَدُ غَيْرُهَا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ فَلَمْ تُوجَدْ أَخَذَ مَكَانَهَا ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَبْتَاعَهَا لَهُ حَتَّى يَأْتِيَهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْمَاشِيَةِ دُونَ النِّصَابِ فَأَفَادَ إلَيْهِ مَاشِيَةً مِنْ جِنْسِ مَا يَضُمُّ إلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ هِيَ فِي نَفْسِهَا نِصَابٌ فَإِنَّهُ لَا يُزَكِّيهَا لِحَوْلِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ، وَإِنَّمَا يُزَكِّي مَا كَانَ عِنْدَهُ وَمَا أَفَادَ لِحَوْلِ الْفَائِدَةِ أَفَادَهَا وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْفَائِدَةُ لَيْسَتْ بِنِصَابٍ فِي نَفْسِهَا وَلَكِنَّهَا مَبْلَغُ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ النِّصَابُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ الْمَاشِيَةِ فَأَفَادَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِمَّا يُضَافُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْفَائِدَةَ وَالنِّصَابَ لِحَوْلِ النِّصَابِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْدِيلِ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ لِلزَّكَاةِ لِضَرُورَةِ السَّاعِي وَالْحَوْلِ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ زَكَاةَ الْفَائِدَةِ لِحَوْلِ النِّصَابِ الَّذِي تَقَدَّمَ مَالِكٌ وَفِي الْمَاشِيَةِ لَهُ أَصَحُّ مَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَأَحَبُّ إلَيَّ النَّاظِرُ فِيهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ هَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْت إلَيَّ فِي هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُحِبُّ هَذَا الْقَوْلَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَعَلَى هَذَا يُقَالُ زَيْدٌ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا حَقَّ لِلْغَيْرِ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى بَيْتُ حَسَّانَ
أَتَهْجُوهُ وَلَسْت لَهُ بِكُفْءٍ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاءُ
فَقَالَ فَشَرُّكُمَا وَلَا شَرَّ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ سَائِرَ الْأَقْوَالِ لَهَا عِنْدَهُ وَجْهٌ وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ يَقْتَضِي مَحَبَّتَهُ لَهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ إلَّا أَنَّ دَلِيلَ هَذَا الْقَوْلِ أَبْيَنُ وَأَرْجَحُ فَتَكُونُ أَفْعَلُ عَلَى بَابِهَا فِي الْمُشَارَكَةِ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ وَوُجِدَ عِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُجْزِي عِنْدَهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَحَادِيثُ الصَّدَقَةِ الْمُتَقَدِّمَةُ وَابْنُ لَبُونٍ فِي هَذَا عَلَى الْبَدَلِ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ لَا عَلَى الْقِيمَةِ بِدَلِيلِ أَنْ يُجْزِيَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ ابْنِ اللَّبُونِ الَّذِي يُؤْخَذُ بَدَلًا مِنْهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ عُدِمَتْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ وَابْنُ لَبُونٍ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا ابْنَةُ مَخَاضٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ إنَّ هَذِهِ حَالَةٌ اسْتَوَى فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ وَابْنُ لَبُونٍ وَكَانَ الْفَرْضُ بِنْتَ مَخَاضٍ أَصْلُ ذَلِكَ إذَا فُقِدَتَا عِنْدَهُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ أَوْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَبْتَاعَهَا يَأْتِي بِهَا يُرِيدُ أَنَّهَا إنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ أَوْ جَذَعَةٌ أَوْ بِنْتُ لَبُونٍ وَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ قِيمَتُهَا مِنْ الْإِبِلِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَذْهَبٍ أَنَّ إخْرَاجَ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ جَائِزٌ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رُوِيَ «عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ فَقَالَ خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ وَالشَّاةَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَعِيرَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ مِنْ الْبَقَرِ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ يُخْرَجُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ فَلَمْ تَجُزْ فِيهِ الْقِيمَةُ كَالرَّقَبَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْهُ فِي زَكَاتِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ عَدْلًا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَا يُجْزِيهِ قَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَا أَخَذُوهُ فِي الْعُشُورِ وَالْمُكُوسِ بَعْدَ مَحَلِّهَا كَرْهًا وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ