(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْوَرِقِ يُزَكِّيهَا الرَّجُلُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ عَرْضًا وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي عَرْضِهِ ذَلِكَ إذَا بَاعَهُ الصَّدَقَةَ فَيُخْرِجُ الرَّجُلُ الْآخَرُ صَدَقَتَهَا فَيَكُونُ الْأَوَّلُ قَدْ صَدَّقَهَا هَذَا الْيَوْمَ وَيَكُونُ الْآخَرُ قَدْ صَدَّقَهَا مِنْ الْغَدِ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ لَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ فَاشْتَرَى إلَيْهَا غَنَمًا كَثِيرَةً تَجِبُ فِي دُونِهَا الصَّدَقَةُ أَوْ وَرِثَهَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْغَنَمِ كُلِّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهَا بِاشْتِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنْ مَاشِيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَلَيْسَ يُعَدُّ ذَلِكَ نِصَابَ مَالٍ حَتَّى يَكُونَ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ فَذَلِكَ النِّصَابُ الَّذِي يُصَدَّقُ مَعَهُ مَا أَفَادَ إلَيْهِ صَاحِبُهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَهُ نِصَابٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نِصَابُ مَاشِيَةٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا أَفَادَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ أَفَادَهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَكُونُ فِي مَالٍ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَسَنُبَيِّنُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ وَأَصْلُ النِّصَابِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْأَصْلُ إلَّا أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فِي أَوَّلِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ كَأَنَّهُ أَصْلُ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ فِي الْإِبِلِ خَمْسُ ذَوْدٍ وَفِي الْبَقَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً وَفِي الْغَنَمِ أَرْبَعُونَ شَاةً.

وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمُفِيدِ لِلْمَاشِيَةِ نِصَابُ مَاشِيَةٍ مِنْ جِنْسِهَا كَانَ حُكْمُ مَا أَفَادَ حُكْمَ النِّصَابِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ وَلَوْ أَفَادَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ السَّاعِيَ لَا يُخْرِجُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْفَوَائِدُ تَحْدُثُ فِي جَمِيعِ الْعَامِ فَلَوْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمَوَاشِي فِي عَامِ إفَادَتِهَا شَيْءٌ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إضْرَارٌ بِالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لَأَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْ الْمَاشِيَةِ فِي عَامَيْنِ غَيْرُ زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ.

وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا الزَّكَاةَ فِي الْعَامِ الَّذِي اسْتَفَادَهَا رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةُ بَعْدَ اشْتِرَائِهَا بِيَوْمٍ فَجَرَّ إلَى أَمْرٍ يَكُونُ سَدَادًا أَوْ عَدْلًا بَيْنَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَالْمَسَاكِينِ فِي الْفَوَائِدِ وَذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ أُضِيفَ إلَيْهِ فَائِدَتُهُ فَزَكَّاهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نِصَابٌ لَمْ يُزَكِّهَا إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي وَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ لَهُ أَصْلٌ فِي الزَّكَاةِ فَكَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَفَادَ تَبَعًا لَهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ " وَإِنْ كَانَ مَا أَفَادَ مِنْ الْمَاشِيَةِ إلَى مَاشِيَتِهِ قَدْ صُدِّقَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَرِثَهَا فَإِنَّهُ يُصَدِّقُهَا مَعَ مَاشِيَتِهِ " يُرِيدُ أَنَّ الْمُصَّدِّقَ قَدْ أَخَذَ صَدَقَةَ هَذِهِ الْمَاشِيَةِ عِنْدَ رَبِّهَا الْبَائِعِ لَهَا أَوْ الْمَوْرُوثَةِ مِنْهُ، ثُمَّ صَارَتْ بِالْبَيْعِ أَوْ الْمِيرَاثِ أَوْ الْهِبَةِ بَعْدَ يَوْمٍ إلَى رَجُلٍ آخَرَ عِنْدَهُ نِصَابًا فَيَأْتِيهِ الْمُصَّدِّقُ بَعْدَ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَحْسُبُهَا عَلَيْهِ مَعَ مَاشِيَتِهِ وَيَأْخُذُ صَدَقَتَهَا مِنْهُ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِيهَا عَلَى الرَّجُلَيْنِ بِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَهَذَا عَدْلٌ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَبِيعُ الْمَاشِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْمُصَّدِّقُ بِيَوْمٍ فَيَشْتَرِيَهَا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا الْمُصَّدِّقُ فِي هَذَا الْعَامِ شَيْئًا فَإِنَّمَا زَكَاةُ الْمَاشِيَةِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّعْدِيلِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُ بِالسَّاعِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّ رَبَّهُ يُخْرِجُهُ مَتَى حَالَ حَوْلُهُ.

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْوَرِقِ يُزَكِّيهَا الرَّجُلُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ عَرْضًا وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي عَرْضِهِ ذَلِكَ إذَا بَاعَهُ الصَّدَقَةَ فَيُخْرِجُ الرَّجُلُ الْآخَرُ صَدَقَتَهَا فَيَكُونُ الْأَوَّلُ قَدْ صَدَّقَهَا هَذَا الْيَوْمَ وَيَكُونُ الْآخَرُ قَدْ صَدَّقَهَا مِنْ الْغَدِ) .

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ وَعَلَى مَا انْفَصَلَ بِهِ مِمَّنْ أَنْكَرَ فِي الْمَاشِيَةِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ مِنْ مَالِكَيْنِ فَانْفَصَلَ عَنْهُ بِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَحُولُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ يُزَكِّيه الْيَوْمَ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ الْغَدَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ قَدْ حَالَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ الْحَوْلُ لِلتِّجَارَةِ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَيْنَ الَّذِي زَكَّاهُ بِالْأَمْسِ فَيُزَكِّيه هَذَا الْبَائِعُ الْيَوْمَ فَإِذَا جَازَ هَذَا فِي الْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ فَبِأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ فِي الْمَاشِيَةِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ضَرُورَةِ السَّاعِي أَوْلَى وَأَحْرَى فَلَا اعْتِبَارَ بِالْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَالَ قَدْ يُقَوَّمُ أَعْوَامًا عِنْدَ مَالِكٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَتَجْرِي فِيهِ الزَّكَاةُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْمَالِكِ عَلَى شُرُوطٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015