. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُلْتَحِي وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ نَصْرٍ عَنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا أَنَّ عَرْضَ الْوَجْهِ فِي حَقِّ الْأَمْرَدِ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ بِخِلَافِ الْمُلْتَحِي.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ عَرْضُ الْوَجْهِ فِي الْأَمْرَدِ وَالْمُلْتَحِي مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ.

وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: الْبَيَاضُ بَيْنَ الصُّدْغَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ لَا تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِ فَلَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ مَعَ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ كَالْقَفَا.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّهُ عُضْوٌ بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فِي الْوَجْهِ كَالْخَدَّيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

حَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ مَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَمَا غَارَ مِنْ أَجْفَانِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَجُرْحٍ بَرِئَ عَلَى اسْتِغْوَارٍ كَبِيرٍ وَمَا كَانَ خَلْقًا خُلِقَ بِهِ لِأَنَّهُ يَشُقُّ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ وَغَسْلُهُ كَمَوْضِعِ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ وَأَصَابِعِ الْقَدَمِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ «ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ» ذَكَرَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّرْتِيبَ فِيهِمَا وَالسُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى لِمَا رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْجِبُهُ التَّيَامُنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» .

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ إلَى الْمَرَافِقِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اقْتِضَاءِ دُخُولِ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الْغَسْلِ مَعَ الْيَدَيْنِ.

وَقَدْ حَكَى عَنْ الْمُبَرِّدِ أَنَّهُ يَقْتَضِي دُخُولَ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الْغَسْلِ لِأَنَّ الْحَدَّ إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا حَدَّدَ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ مَا حُدَّ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى نِصْفِهِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ اشْتِمَالَ الْبَيْعِ عَلَى نِصْفِ الثَّوْبِ.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ إنَّ إلَى فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَعَ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إلَى لَا تَقْتَضِي دُخُولَ الْحَدِّ فِي الْمَحْدُودِ وَأَنَّهَا عَلَى بَابِهَا إلَى أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهَا بِمَعْنَى مَعَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْعُدُولِ بِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ فَمَنْ ادَّعَى دُخُولَ الْمَرْفِقَيْنِ فِي الْغَسْلِ مَعَ الْيَدَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ إلَى.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وُجُوبَ إدْخَالِهِمَا فِي الْغَسْلِ مَعَ الْيَدَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَبْلُغُ بِالْغَسْلِ إلَى الْمَرْفِقَيْنِ وَإِلَى الْكَعْبَيْنِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَالَ إنَّمَا هُوَ مِنْ مَذْهَبِ زُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ.

وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ الْمَرْفِقَيْنِ يَجِبُ إدْخَالُهُمَا فِي الطَّهَارَةِ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فِيهِمَا وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الذِّرَاعَيْنِ إلَيْهِمَا وَلَا يُتَيَقَّنُ ذَلِكَ لَهُمَا إلَّا بِغَسْلِ الْمَرْفِقَيْنِ وَذَهَبَ بِذَلِكَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَالْوَاجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ يُتَيَقَّنُ بِذَلِكَ الْإِمْسَاكُ جَمِيعَ النَّهَارِ وَحَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَنْكَرَهُ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَرْفِقَيْنِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ «أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى شَرَعَ فِي الْعَضُدِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ أَكْمَلَ وُضُوءَهُ هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ» وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا أَحَدُ طَرَفَيْ الْمِعْصَمِ فَوَجَبَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ كَالرُّسْغِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ خَاتَمٌ فَهَلْ عَلَيْهِ تَحْرِيكُهُ أَمْ لَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَيْسَ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ فِي الْوُضُوءِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا فِي الْغُسْلِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ ضَيِّقًا فَعَلَيْهِ تَحْرِيكُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ كَانَ وَاسِعًا وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَلَيْهِ تَحْرِيكُ الْخَاتَمِ ضَيِّقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ ضَيِّقٍ وَيَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ تَعْلِيلًا مِنْ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْخَاتَمَ لَمَّا كَانَ مَلْبُوسًا مُعْتَادًا يُسْتَدَامُ لُبْسُهُ مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ فِي الْغَالِبِ لَمْ يَجِبْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ بِالْوُضُوءِ كَالْخُفَّيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015