(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّهُ قَالَ «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ فَلَمْ نَدْرِ مَا سَارَّهُ بِهِ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَهَرَ أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ قَالَ أَلَيْسَ يُصَلِّي قَالَ بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ» ) .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّهُ إنَّمَا مَالَ إلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ اللَّاتِي قَطَعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ مَا هَذَا بَشَرًا إنْ هَذَا إلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ إنْكَارَ مُرَاجَعَتِهِنَّ إيَّاهُ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ بِأَمْرٍ قَدْ تَكَرَّرَ سَمَاعُهُ وَلَمْ يَرَهُ فَذَكَّرَهُمَا بِفَسَادِ رَأْيِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جِنْسِهِنَّ وَأَنَّهُنَّ قَدْ دَعَوْنَ إلَى غَيْرِ صَوَابٍ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي دَعَتْ إلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ أَيْضًا.
(ش) : قَوْلُهُ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ هَكَذَا الرِّوَايَةُ فِيهِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ ظَهْرَانَيْ النَّاسِ وَقَوْلُهُ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يُقَالُ أَنَّهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ مُسَارَّةِ الْإِمَامِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِمَنْ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ صَدَقَةً.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِإِبَاحَتِهِ دُونَ تَقْدِيمِ صَدَقَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المجادلة: 13] .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَلَمْ نَدْرِ مَا سَارَّهُ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ جَهْرِ مَنْ أُسِرَّ إلَيْهِ بِالسِّرِّ إذَا أَوْجَبَ ذَلِكَ الشَّرْعُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ يَسْتَأْذِنُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ إنَّهُ مَالِكٌ بْنُ الدُّخْشُمِ بْنِ غَنْمٍ شَهِدَ بَدْرًا وَيُخْتَلَفُ فِي شُهُودِهِ الْعَقَبَةَ كَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ حُسْنِ إسْلَامِهِ مَا يَنْفِي ذَلِكَ عَنْهُ اسْتَأْذَنَهُ هَذَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَاذَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِالنِّفَاقِ وَلَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَظْهَرَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَقَامَ الصَّلَوَاتِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ اسْتَدَلُّوا عَلَى نِفَاقِهِ بِمَيْلِهِ إلَى أَهْلِ الْكُفْرِ وَنُصْحِهِ لَهُمْ فَلَمْ يُرِدْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ يُبِيحُ دَمَهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ السَّائِلُ بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَقَصَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسُؤَالِهِ الْمَعَانِيَ الْمُبِيحَةَ لِدَمِهِ مِنْ تَرْكِ إظْهَارِ الشَّهَادَتَيْنِ وَتَأَبِّيهِ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَمَّا قَالَ إنَّهُ يُظْهِرُ الشَّهَادَتَيْنِ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ» وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى قَوْلِهِ وَلَا شَهَادَةَ لَهُ وَلَا صَلَاةَ لَهُ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِذَلِكَ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا فِي قَلْبِهِ وَلَا يَعْرِفُ هَلْ لَهُ شَهَادَةٌ أَوْ صَلَاةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا اعْتَقَدَ فِيهِ لَمَّا رَأَى مِنْ مَيْلِهِ إلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ عَنْهُمْ يَعْنِي نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِمْ لِمَعْنَى الْآيَاتِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَلْزَمَهُمْ الْقَتْلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا يَلْزَمُ سَائِرَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ.
(ش) : دُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُجْعَلَ قَبْرُهُ وَثَنًا يُعْبَدُ تَوَاضُعًا وَالْتِزَامًا لِلْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِقْرَارًا بِالْعِبَادَةِ وَكَرَاهِيَةً أَنْ يُشْرِكَهُ أَحَدٌ فِي عِبَادَتِهِ.
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لِذَلِكَ كَرِهَ أَنْ يُدْفَنَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا وَجْهٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا فَرُبَّمَا صَارَ مِمَّا يُعْبَدُ