جَامِعُ الصَّلَاةِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي الْعَاصِي بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» ) .
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَفِي صَلَاةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [جَامِعُ الصَّلَاةِ]
(ش) : رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي النَّوَافِلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النَّوَافِلَ قَدْ يُتَرَخَّصُ فِيهَا بِيَسِيرِ الْعَمَلِ وَأَمْرُ الْفَرْضِ آكَدُ فَيَجِبُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَعْمَالِ وَوَضْعُ أُمَامَةَ عِنْدَ السُّجُودِ وَحَمْلُهَا عِنْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي يُسْتَبَاحُ مِثْلُهُ فِي النَّوَافِلِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ فَقَالَ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ وَلَمْ يُفَرَّقْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَهَذَا عَلَى مَا قَالَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ لِلرَّجُلِ الِاشْتِغَالَ فِي فَرْضِهِ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ مَعَ الْكِفَايَةِ وَرُبَّمَا كَانَ الصَّبِيُّ يَضِيعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُمْسِكٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلضَّرُورَةِ أَنَّ فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الزَّجْرَ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ فَقَالَا فِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ «رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ» الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِهِمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَذَلِكَ عِنْدِي يَنْقَسِمُ عَلَى قِسْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ الصَّبِيَّ عَلَى مَعْنَى الْكِفَايَةِ لِأُمِّهِ أَوْ لِاشْتِغَالِهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَهُمُّهَا أَوْ يَحْمِلُهُ عَنْ الْمَرْأَةِ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَّا فِي النَّافِلَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرِيضَةِ أَنَّ مُدَّةَ الْفَرِيضَةِ يَسِيرَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهَا وَيُسَلِّمَ الصَّبِيَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَبَدًا إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَيَخِفُّ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمُدَّةُ النَّفْلِ طَوِيلَةٌ وَلِذَلِكَ أُبِيحَ فِيهَا مَا لَمْ يُبَحْ فِي الْفَرِيضَةِ مِنْ الْجُلُوسِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ يَخَافُ عَلَى الصَّبِيِّ هَلَاكًا أَوْ أَمْرًا شَدِيدًا وَلَا يَجِدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ فَإِنَّ إمْسَاكَهُ لَهُ جَائِزٌ فِي الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَمَلَ مَمْنُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ فَإِنَّهُ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ وَقَدْ اسْتَوْعَبْنَا ذَلِكَ فِي الِاسْتِيفَاءِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَمْلِ الْمَرْأَةِ وَلَدَهَا تَرْكَعُ بِهِ وَتَسْجُدُ فِي الْفَرْضِ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَتْ وَلَمْ يَشْغَلْهَا عَنْ الصَّلَاةِ لَمْ تُعِدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ إمْسَاكُهَا حَالَ الْقِيَامِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَشْغَلُهَا وَلَا تَتَكَلَّفُ إمْسَاكَهُ بِيَدِهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى عَاتِقِهَا أَوْ فِي ثَوْبٍ مُعَلَّقٍ مِنْهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تَمْسِكُهُ بِيَدَيْهَا أَوْ تَحْمِلُهُ فِي ذِرَاعَيْهَا فَإِنَّهُ عَمَلٌ مُتَّصِلٌ كَثِيرٌ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّتَهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهُوَ عِنْدِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَشْغَلْهَا، وَأَمَّا فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى عَاتِقِهَا وَضَعَتْهُ حَتَّى تُكْمِلَ ذَلِكَ وَتَأْخُذَهُ عِنْدَ قِيَامِهَا فَيَكُونَ مِنْ الْعَمَلِ الْمُتَفَرِّقِ فِي الصَّلَاةِ وَذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَعْنَاهُ تَأْتِي طَائِفَةٌ عَقِيبَ أُخْرَى وَتَعَاقُبُهُمْ أَيْ تَأْتِي مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَتُعَاقِبَهُمْ مَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَتَدَاوَلُونَ فَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَتَعْرُجُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَتَبْقَى مَلَائِكَةُ