(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ قَالَ كُنْت أُصَلِّي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلَى جِدَارِ الْقِبْلَةِ فَلَمَّا قَضَيْت صَلَاتِي انْصَرَفْت إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ شِقِّي الْأَيْسَرِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَا مَنَعَك أَنْ تَنْصَرِفَ عَنْ يَمِينِك قَالَ فَقُلْت رَأَيْتُك فَانْصَرَفْت إلَيْك قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَإِنَّك قَدْ أَصَبْت إنَّ قَائِلًا يَقُولُ انْصَرِفْ عَنْ يَمِينِك فَإِذَا كُنْت تُصَلِّي فَانْصَرِفْ حَيْثُ شِئْت إنْ شِئْت عَنْ يَمِينِك وَإِنْ شِئْت عَنْ يَسَارِك) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أُصَلِّي فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَا وَلَكِنْ صَلِّ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ يَقْطَعُ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ النَّافِلَةَ إذَا لَمْ يَعْقِدْ مِنْهَا رَكْعَةً فَإِنَّهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ الْوَقْتَ فَكَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ أَحَقَّ مِنْهَا بِالْوَقْتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَيُدْرِكُ بِذَلِكَ وَقْتَهَا فَلَمَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ تَسْتَحِقُّ الْوَقْتَ دُونَ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا لَزِمَهُ قَطْعُهَا وَالشُّرُوعُ فِي الَّتِي تَسْتَحِقُّ بِالْوَقْتِ وَأَمَّا مَنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْ النَّافِلَةِ فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ تِلْكَ النَّافِلَةُ الْوَقْتَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» فَلَمَّا اسْتَحَقَّتْ الْوَقْتَ بِالْإِدْرَاكِ لَمْ تُقْطَعْ لِفَرِيضَةٍ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْوَقْتَ بِالذِّكْرِ فَيُتِمُّ نَافِلَةً ثُمَّ يُصَلِّي فَرِيضَتَهُ.

(ش) : قَوْلُهُ كُنْت أُصَلِّي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلَى جِدَارِ الْقِبْلَةِ بَيَّنَ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ فَانْصَرَفْت إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ شِقِّي الْأَيْسَرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي قِبْلَتِهِ وَإِنَّمَا كَانَ عَنْهُ فِي جَانِبٍ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى مَنْ يَسْتَقْبِلُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ عَنْ الصَّلَاةِ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْصَرِفَ عَنْ يَمِينِك عَلَى وَجْهِ الِاخْتِبَارِ لِوَاسِعٍ لَمَّا رَآهُ قَدْ أَصَابَ فِي انْصِرَافِهِ عَنْ يَسَارِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ أَكَانَ قَصَدَ ذَلِكَ أَوْ أَتَاهُ سَهْوًا، وَقَوْلُ وَاسِعٍ رَأَيْتُك فَانْصَرَفْت إلَيْك يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الِانْصِرَافَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الشِّقِّ وَإِنَّمَا انْصَرَفَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي كَانَتْ تَلِيهِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَصَبْت يَعْنِي حَيْثُ رَأَيْت الِانْصِرَافَ عَنْ يَسَارِكَ جَائِزًا لِأَنَّ قَائِلًا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ إنَّ الِانْصِرَافَ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي وَأَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ بِتَعْلِيمِ صَوَابِ مَنْ انْصَرَفَ عَلَى أَيِّ شِقٍّ شَاءَ لِئَلَّا يَتْبَعَ قَوْلَ ذَلِكَ الْقَائِلِ فَيَعْمَلَ بِهِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ عِلْمٌ وَلَا أَتَاهُ عَنْ قَصْدٍ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ وَلَعَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَثَرٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ «لَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إلَّا عَنْ يَمِينِهِ لَقَدْ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ» .

(ش) : نَهْيُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَإِبَاحَتُهُ لِلصَّلَاةِ فِي مُرَاحِ الْغَنَمِ جَوَابٌ لِلسَّائِلِ عَمَّا سَأَلَهُ وَزَادَهُ مَعَ ذَلِكَ عِلْمًا لَعَلَّهُ خَافَ أَنْ لَا يُدْرِكَ السَّائِلُ السُّؤَالَ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ خَافَ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ مُرَاحَ الْغَنَمِ مِثْلُهُ فَأَخْبَرَهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَعَطَنُ الْإِبِلِ مَبَارِكُهَا عِنْدَ الْمَاءِ وَمُرَاحُ الْغَنَمِ مُجْتَمَعُهَا مِنْ آخَرِ النَّهَارِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي عَطَنِ الْإِبِلِ وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ عِلَلًا مُخْتَلِفَةً فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا يُسْتَتَرُ بِهَا لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَلَا تَكَادُ تَسْلَمُ مَبَارِكُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَبَارِكِهَا إذَا أُمِنَتْ النَّجَاسَةُ بِبَسْطِ ثَوْبٍ أَوْ تَيَقُّنِ طَهَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى فِي ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابُنَا إنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ فَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015