(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ» )

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَأْتِيَ بِالثَّوْبِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَوْقَ يَدِهِ الْيُسْرَى فَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ الِاضْطِبَاعُ مِنْ نَاحِيَةِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ يَدِهِ الْيُسْرَى لِسُجُودٍ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا لَحِقَهُ فِيهِ مَا يَلْحَقُهُ فِي اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ يُرِيدُ أَنَّهُ أَخَذَ طَرْفَ ثَوْبِهِ تَحْتَ يَدِهِ الْيُمْنَى فَوَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْيُسْرَى وَأَخَذَ الطَّرْفَ الْآخَرَ تَحْتَ يَدِهِ الْيُسْرَى فَوَضَعَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ الِاشْتِمَالِ يُسَمَّى التَّوَشُّحَ وَيُسَمَّى الِاضْطِبَاعَ وَهُوَ مُبَاحٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ يَدَيْهِ لِلسُّجُودِ وَغَيْرِهِ دُونَ كَشْفِ عَوْرَتِهِ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ» ) .

ش قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ مَعَ سُؤَالِ السَّائِلِ إبَاحَةٌ لِلصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ سُمِعَ إلَى نَفْيِ الْحَرَجِ اللَّاحِقِ فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ وَلَيْسَ فِي عُدْمِ الرَّجُلِ الثَّوْبَيْنِ يَلْبَسُهُمَا فِي صَلَاتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُجْزِئُهُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إذَا وَجَدَهُمَا كَمَا أَنَّ عُدْمَهُ لِلثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَا يَدُلُّ عَلَى إجْزَاءِ صَلَاتِهِ عُرْيَانًا مَعَ وُجُودِهِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ قَوْلُهُ أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّوْبَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ عَدَمَ أَكْثَرَ مِنْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَمْرٌ شَائِعٌ كَثِيرٌ وَالضَّرُورَةُ إذَا كَانَتْ شَائِعَةً كَثِيرَةً كَانَتْ الرُّخْصَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا عَامَّةً يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ السَّفَرِ التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ كَانَتْ رُخْصَةُ الْفِطْرِ فِيهِ عَامَّةً وَإِنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ فِي سَفَرِهِ وَلَمَّا كَانَتْ فِي الْحَضَرِ نَادِرَةً لَمْ تُدْرِكْ الرُّخْصَةُ فِيهَا مَنْ يُدْرِكُهُ التَّعَبُ وَلَا أَحَدَ يَسْلَمُ مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ النَّاسِ فِي وَقْتِ مُخَاطَبَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَمَ مَا زَادَ عَلَى الثَّوْبِ كَانَتْ الرُّخْصَةُ عَامَّةً فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ لِلْوَاجِدِ وَالْعَادِمِ وَلَمَّا كَانَ عَدَمُ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ نَادِرًا لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ دُونَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا فَأَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى إجْزَاءِ الصَّلَاةِ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَهَذَا الَّذِي أَبَاحَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ وَالثَّوْبَانِ أَفْضَلُ لِمَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ صَلَّى فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إزَارٍ وَقَبَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ السَّائِلَ لَمَّا سَأَلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَكَانَ مَعْنَاهُ السُّؤَالَ عَنْ إجْزَاءِ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ غَالِبَ حَالِ النَّاسِ عَدَمُ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَقِرٌّ فِي عِلْمِهِ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ إبَاحَةَ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ هَلْ تَفْعَلُ أَنْتَ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إنِّي لَأُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ) .

(ش) : قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إنِّي لَأُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ مَعَ رِوَايَتِهِ عَنْ عُمَرَ إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَوْسِعُوا اقْتِصَارٌ مِنْهُ عَلَى الْجَائِزِ دُونَ الْأَفْضَلِ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَفْعَلُ ذَلِكَ يُبَيِّنُ جَوَازَهُ فَيُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ ثَوْبَيْنِ فَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ وَيُعْلِمَهُ بِصِحَّةِ إبَاحَتِهِ وَأَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الثَّوْبَيْنِ فَكَيْفَ مَنْ لَا يَجِدُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا وَأَخْبَرَهُ عَنْ فِعْلِهِ فِي النَّادِرِ دُونَ الْأَغْلَبِ وَأَخْبَرَهُ عَمَّا يَفْعَلُهُ فِي مَنْزِلِهِ دُونَ الْمَسَاجِدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015