[ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة]

مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْعَامَّةِ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ (ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» مَالِكٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ وَلَكِنْ إذَا عُمِلَ الْمُنْكَرُ جِهَارًا اسْتَحَلُّوا الْعُقُوبَةَ كُلُّهُمْ) .

[ما جاء في التقى]

مَا جَاءَ فِي التُّقَى (ص) : (مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَخَرَجْت مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ حَائِطًا فَسَمِعْته وَهُوَ يَقُولُ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَخٍ بَخٍ وَاَللَّهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لَتَتَّقِيَنَّ اللَّهَ أَوْ لَيُعَذِّبَنَّكَ مَالِكٌ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَقُولُ: أَدْرَكْت النَّاسَ وَمَا يُعْجَبُونَ بِالْقَوْلِ قَالَ مَالِكٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْعَمَلَ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى عَمَلِهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِهِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْعَامَّةِ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ]

(ش) : قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ بِالصَّالِحِينَ يَدْفَعُ اللَّهُ عَنْ الْمُسِيئِينَ الْعَذَابَ وَلَعَلَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33] فَتَأَوَّلَتْ فِي كُلِّ قَوْمٍ فِيهِمْ صَالِحٌ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصًّا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَدْ أُهْلِكَ قَوْمُهُمْ مَعَ كَوْنِ النَّبِيِّ فِيهِمْ وَيُنْجِي اللَّهُ رُسُلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا نَعَمْ فَقَدْ يُهْلِكُ اللَّهُ الْأُمَّةَ فِيهِمْ الصَّالِحُونَ إذَا كَثُرَ الْخَبَثُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً وَاعْتَقَدَتْ أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُعَذَّبْ مَعَ بَقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا أَنَّهَا لَا تَهْلِكُ مَا دَامَ فِيهَا صَالِحٌ مِنْ أُمَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ لَيْسَ حَالُ الصَّالِحِ مِنْ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ قَدْ تَهْلِكُ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ فِيهَا صَالِحٌ وَصَالِحُونَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» أَرَادَ إذَا كَانَ الْخَبَثُ كَثِيرًا وَمِنْ الْخَبَثِ الْفُسُوقُ وَالشَّرُّ وَقِيلَ: الْخَبَثُ أَوْلَادُ الزِّنَى.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يُقَالُ: إنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ يُرِيدُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَكِنْ إذَا عُمِلَ الْمُنْكَرُ جِهَارًا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْمُجَاهَرَةِ بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْعُقُوبَةِ مَزِيَّةَ مَا لَيْسَ لِلِاسْتِتَارِ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ عَاصُونَ مِنْ بَيْنِ عَامِلٍ لِلْمُنْكَرِ وَتَارِكٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالتَّغْيِيرِ عَلَى فَاعِلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنْكِرُ لَهُ مُسْتَضْعَفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَيُنْكِرُهُ بِقَلْبِهِ فَإِنْ أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ كَفَّارَةٌ وَحُشِرَ عَلَى نِيَّتِهِ.

[مَا جَاءَ فِي التُّقَى]

(ش) : قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ خَلَا بِنَفْسِهِ وَاعْتَقَدَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْمَعُهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بَخٍ بَخٍ عَلَى مَعْنَى تَعْظِيمِ هَذِهِ الْحَالِ وَاسْتِشْنَاعِهِ لَهَا وَأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ مِنْ الرِّفْعَةِ فِي الدُّنْيَا إلَى مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَيُعْرِضُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مُعَظِّمًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَذِكْرًا لَهَا بِمَا يَذَّكَّرُ النَّاسُ لَهُ هَذِهِ الْحَالَ وَأَنَّهَا حَالٌ إنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَنْفَعْهُ وَلَمْ يَنْجُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ يَغْبِطُهُ بِهَا مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ وَهِيَ حَالٌ لَا تَنْفَعُهُ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ التُّقَى وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ وَتَوْبِيخُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ وَمُحَاسَبَتُهُ لَهَا فِي الْخَلَاءِ مِنْ فِعْلٍ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِمَّا يَلِيقُ بِفِعْلِهِ وَعِلْمِهِ وَدِينِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015