. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ وَمُنْهَزِمِينَ، وَلَيْسَ هُرُوبُهُمْ تَوْبَةً، وَأَمَّا التَّذْفِيفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَزِيمَتَهُمْ وَخِيفَ كَرَّتُهُمْ ذُفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ الْهَزِيمَةُ فَجَرِيحُهُمْ أَسِيرٌ وَالْحُكْمُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَمْ يَرَهُ سَحْنُونٌ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) وَإِذَا أُخِذَ اللُّصُوصُ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَزِمَهُمْ الْحَدُّ وَهُوَ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ أَوْ قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَالنَّفْيُ وَالْحَبْسُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَاكَ عَلَى التَّخْيِيرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ حَدُّهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلَا يُقْتَلُ مَنْ لَمْ يَقْتُلْ، وَلَا يُصْلَبُ وَلَا يُقَطَّعُ، فَإِنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا قُتِلَ فَقَطْ، وَلَمْ يُصْلَبْ وَلَمْ يُقَطَّعْ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِّعَ، وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ جَمَعَ الْقَتْلَ وَالْقَطْعَ، وَإِنْ شَاءَ جَمَعَ الْقَتْلَ وَالصَّلْبَ ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ الصَّلْبِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْتُلُهُمْ حَتْفًا ثُمَّ يَصْلُبُهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] وَلَفْظُهُ أَوْ ظَاهِرُهَا التَّخْيِيرُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوا.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنَّهُ تَخْيِيرٌ مُتَعَلِّقٌ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَمَصْرُوفٌ إلَى نَظَرِهِ وَمَشُورَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَا يَرَاهُ أَتَمَّ لِلْمَصْلَحَةِ وَأَذَبَّ عَنْ الْفَسَادِ، قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى هَوَى الْإِمَامِ وَلَكِنْ عَلَى الِاجْتِهَادِ يُرِيدُ بِقَدْرِ مَا خَبَرَهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ الْمُحَارِبَ وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا وَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ طَالَ أَمْرُهُ وَأَخَاف السَّبِيلَ أَوْ أُخِذَ بِحَضْرَةِ خُرُوجِهِ، فَإِنْ كَانَ طَالَ أَمْرُهُ وَأَخَاف السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ أَوْ ضَرْبِهِ وَنَفْيِهِ، وَذَلِكَ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ إذَا أُخِذَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ قَالَ أَشْهَبُ فِي الَّذِي أُخِذَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ فَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ مَالِكُ لَوْ أَخَذَ فِيهِ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُحْبَسَ حَيْثُ نُفِيَ إلَيْهِ، قَالَ أَشْهَبُ فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَقْطَعَهُ مِنْ خِلَافٍ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِيهِ فَيَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ عَلَى التَّخْيِيرِ بِشَرْطِ الِاجْتِهَادِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ فَمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَانَ لَهُ إنْفَاذُهُ وَمَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ اخْتِيَارِهِ لِكُلِّ جِنَايَةٍ نَوْعًا مِنْ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُذْكَرُ بَعْدَ هَذَا فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهٍ يُبَيِّنُ وَجْهَ الِاجْتِهَادِ وَالْإِرْشَادِ إلَى الصَّوَابِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَاَلَّذِي طَالَ أَمْرُهُ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَشَهَرَ ذِكْرُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَأْخُذْ أَمْوَالًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا إنْ طَالَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْتَلُ وَلَا يَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ غَيْرَ الْقَتْلِ قَالَ أَشْهَبُ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا أَخَافَ السَّبِيلَ وَأَعْظَمَ الْفَسَادَ وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا فَلْيَقْتُلْهُ الْإِمَامُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ قَالَ: وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ أَوْ قَطْعِ الْخِلَافِ أَوْ النَّفْيِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ إنَّ عَامِلًا لَهُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ أَوْ يَقْتُلَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذْت بِأَيْسَرِ ذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَامِلَ رَأَى قَتْلَهُمْ أَوْ قَطْعَ أَيْدِيهِمْ وَلَا يَعْلَمُ مَا بَلَغَتْ وَأَعْلَمُهُ، وَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذْت بِأَيْسَرِ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْحَضِّ وَالنَّدْبِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَوْ أَخَذْت بِأَيْسَرِ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ أُخِذُوا بِأَثَرِ خُرُوجِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُخِيفُوا سَبِيلًا أَوْ يَقْتُلُوا أَحَدًا أَوْ يَأْخُذُوا مَالًا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ