(ص) : (مَالِكٌ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ وَلَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ أَوْ يَقْتُلَ فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذَتْ بِأَيْسَرَ ذَلِكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكٍ ذَلِكَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ قِيَمَ فِيهَا أَوْ لَمْ يُقَمْ.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ، الْمُحَارِبُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاطِعُ لِلطَّرِيقِ الْمُخِيفُ لِلسَّبِيلِ الشَّاهِرُ لِلسِّلَاحِ لِطَلَبِ الْمَالِ فَإِنْ أُعْطَى وَإِلَّا قَاتَلَ عَلَيْهِ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَوْ خَارِجًا عَنْ الْمِصْرِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَقَدْ يَكُونُ مُحَارِبًا وَإِنْ خَرَجَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَفَعَلَ فِعْلَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ التَّلَصُّصِ وَأَخْذِ الْمَالِ مُكَابَرَةً، وَقَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مُحَارِبًا، وَإِنْ خَرَجَ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ لِقَطْعِ السَّبِيلِ لِغَيْرِ مَالٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى مِصْرَ أَوْ إلَى مَكَّةَ فَهَذَا مُحَارِبٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ وَأَخَافَهُمْ لِغَيْرِ عَدَاوَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَاطِعٌ لِلسَّبِيلِ مُفْسِدٌ فِي الْأَرْضِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ أَيْضًا مِنْ الْمُحَارَبَةِ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ، وَكُلُّ مَنْ قَتَلَ أَحَدًا عَلَى مَا مَعَهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَهُوَ مُحَارِبٌ فَعَلَ ذَلِكَ بِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا بِعَصًا لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِرَابَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ لَكِنْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ وَشَرٍّ فَفِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ وَقَالَهُ كُلَّهُ مَالِكٌ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ لَقِيَ رِجَالًا فَأَطْعَمَهُمْ السَّوِيقَ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ وَأَبْسَطَ بِالْبَاقِينَ فَلَمْ يُفِيقُوا إلَى مِثْلِهَا فَقَالَ مَا أَرَدْت قَتْلَهُمْ، وَإِنَّمَا أَرَدْت أَخْذَ مَا مَعَهُمْ، وَإِنَّمَا أَعْطَانِي السَّوِيقَ رَجُلٌ وَقَالَ يُسْكِرُ فَقَالَ مَالِكٌ يُقْتَلُ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُمْ وَلَا أَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّمَا هُوَ سَوِيقٌ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا مَاتُوا أَخَذْت أَمْوَالَهُمْ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ رَدِّ الْمَالِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُعْلِنُ وَالْمُسْتَخْفِي مِنْ الْمُحَارِبِينَ سَوَاءٌ إذَا أَخَذَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، وَالْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا أَخَذَ السَّارِقُ الْمَتَاعَ لَيْلًا فَطَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْمَتَاعَ مِنْهُ فَكَابَرَهُ عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ أَوْ بِالسِّكِّينِ أَوْ بِالْعَصَا حَتَّى خَرَجَ بِهِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ هُوَ مُحَارِبٌ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي الْحِرَابَةِ إخْرَاجُ الْمَتَاعِ مِنْ الْحِرْزِ وَلَوْ أَدْرَكَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ فَجَاءَ بِهِ إيَّاهُ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ، وَإِنْ حَارَبَهُ كَمَا يَفْعَلُ الْمُخْتَلِسُ فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ لَقِيَ رَجُلٌ رَجُلًا مَعَهُ طَعَامٌ فَسَأَلَهُ طَعَامًا فَأَبَى عَلَيْهِ فَكَتَّفَهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ وَنَزَعَ ثَوْبَهُ فَقَالَ هَذَا يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ يُرِيدُ أَنَّهُ مُغَالِبٌ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مُكَابَرَةً وَصِفَتُهُ صِفَةُ الْمُحَارِبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْمُحَارِبُ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِ الْمِصْرِ سَوَاءٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هُمْ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ مُحَارِبًا إلَّا بِقَطْعِهِ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبَرِّيَّةِ النَّائِيَةِ عَنْ الْبَلَدِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَكُونُونَ مُحَارِبِينَ فِي الْقَرْيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا فَأَمَّا الْمُخْتَفِي فِي الْقَرْيَةِ لَا يُؤْذِي إلَّا الْوَاحِدَ وَالْمُسْتَضْعَفَ، فَلَيْسَ فِي الْقُرَى مُحَارَبَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُحَارِبٌ فِي الْقَرْيَةِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] وَهَذَا عَامٌّ فِي الْحَضَرِ وَغَيْرِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْهُ إخَافَةُ السَّبِيلِ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَقَتْلُهُ لِأَخْذِ الْمَالِ فَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْمُحَارِبِ، وَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ وَلِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يُوجِبُ حَدًّا فِي الصَّحْرَاءِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ مِثْلَهُ فِي الْحَضَرِ كَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَسْتَحِقُّ الْمُحَارِبُ بِأَخْذِ الْمَالِ الْيَسِيرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ