(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا عَمَدَ الرَّجُلُ إلَى امْرَأَتِهِ فَفَقَأَ عَيْنَهَا أَوْ كَسَرَ يَدَهَا أَوْ قَطَعَ أُصْبُعَهَا أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقَادُ مِنْهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ بِالْحَبْلِ أَوْ بِالسَّوْطِ فَيُصِيبَهَا مِنْ ضَرْبِهِ مَا لَمْ يُرِدْ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ فَإِنَّهُ يَعْقِلُ مَا أَصَابَ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يُقَادُ مِنْهُ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَقَادَ مِنْ كَسْرِ الْفَخِذِ) .
مَا جَاءَ فِي دِيَةِ السَّائِبِ وَجِنَايَتِهِ (ص) : (مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سَائِبَةً أَعْتَقَهُ بَعْضُ الْحُجَّاجِ فَقَتَلَ ابْنَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَائِذٍ فَجَاءَ الْعَائِذِيُّ أَبُو الْمَقْتُولِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَطْلُبُ دِيَةَ ابْنِهِ فَقَالَ عُمَرُ لَا دِيَةَ لَهُ، فَقَالَ الْعَائِذِيُّ: أَرَأَيْت لَوْ قَتَلَهُ ابْنِي فَقَالَ عُمَرُ إذًا تُخْرِجُونَ دِيَتَهُ فَقَالَ هُوَ إذًا كَالْأَرْقَمِ إنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ وَإِنْ يَقْتُلْ يَنْقَمْ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَالِكٌ إنْ بَرِئَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ، وَقُتِلَ بِالْمَجْرُوحِ أَوْ بَرِئَتْ جِرَاحَاتُهُ وَبِهَا عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ أَوْ عَثِلٌ فَإِنَّ الْمُسْتَقَادَ مِنْهُ لَا يُكْسَرُ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ يُعْقَلُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مَنْ أَصَابَ أُنْمُلَةً عَمْدًا فَأَذْهَبَتْ أُصْبُعًا أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ شُلَّتْ يَدُهُ، ثُمَّ بَرِئَ أَنَّهُ يُسْتَقَادُ بِالْأُنْمُلَةِ وَيُتَرَبَّصُ بِهَا فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ مِنْ الْجَانِي مَا بَلَغَ مِنْ الْأَوَّلِ بُرِّئَ الْجَانِي، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ عَقَلَ لَهُ مَا بَقِيَ، وَإِنَّهُ لَأَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهَذَا أَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ سِرَايَةِ الْجُرْحِ إلَى النَّفْسِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَلَا يُقْتَصُّ وَمَا سَرَى إلَى غَيْرِ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَهُ عَقْلُ السِّرَايَةِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ إلَى النَّفْسِ اُقْتُصَّ مِنْ النَّفْسِ، وَسَقَطَ حُكْمُ الْجُرْحِ، وَإِذَا سَرَى إلَى عُضْوٍ آخَرَ لَمْ يُقَدْ نَفْسًا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَأَذْهَبَتْ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ فَاقْتُصَّ لَهُ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَإِنْ أَذْهَبَ مِنْ الْجَانِي مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِلَّا فَدِيَةُ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ فِي مَالِ الْجَانِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ دِيَةُ السَّمْعِ وَالْعَقْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَتْ إلَى إذْهَابِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّهَا جِنَايَةٌ جَرَّهَا الْعَمْدُ فَلَمْ تَلْزَمْ الْعَاقِلَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا بَقِيَ بِهَا عُضْوٌ مِثْلُهُ مِنْ جَسَدِهِ لَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ غَالِبًا، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهَا جِنَايَةٌ لَا يَثْبُتُ فِيهَا الْقِصَاصُ مَعَ وُجُودِ مَحَلِّهِ كَالْمُتْلَفِ.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدٍ أَقَادَ مِنْ كَسْرِ الْفَخِذِ هُوَ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُقَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ وَالْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
[مَا جَاءَ فِي دِيَةِ السَّائِبِ وَجِنَايَتِهِ]
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ سَائِبَةً أَعْتَقَهُ بَعْضُ الْحُجَّاجِ عِتْقُ السَّائِبَةِ هُوَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُعْتَقِ اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةً قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَوْ يَقُولَ أَنْتَ سَائِبَةً فَيُرِيدُ الْعِتْقَ قَالَ أَصْبَغُ: لَا يُعْجِبُنِي قَوْلَهُ يُرِيدُ الْعِتْقَ وَلَفْظُ التَّسْيِيبِ لَفْظُ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِ سَبَبٌ غَيْرُ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَكْرَهُ عِتْقَ السَّائِبَةِ؛ لِأَنَّهُ كَهَيْئَةِ الْوَلَاءِ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ لَا يُعْجِبُنَا كَرَاهِيَتَهُ لِذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا يُعْتَقُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ تَتْرُكُ النَّاسُ عِتْقَ السَّوَائِبِ فَإِنْ فَعَلَهُ أَحَدٌ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَرَأَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِهِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ بِأَوْعَبَ مِنْ هَذَا، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ السَّائِبَةُ لِيَوْمِهَا يُرِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ فِي التَّفْسِيرِ وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُعْتِقُ عَبْدَهُ سَائِبَةً، ثُمَّ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُعْتِقِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَقَتَلَ ابْنَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَائِذٍ فَطَلَبَ أَبُو الْمَقْتُولِ دِيَةَ ابْنِهِ يَقْتَضِي أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ خَطَأً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ غَيْرُ الدِّيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا وَاخْتَارَ الدِّيَةَ عَلَى رِوَايَةِ التَّخْيِيرِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُ عُمَرَ لَا دِيَةَ لَهُ مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ تَلْزَمُهَا الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الدِّيَةِ يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ، وَهَذَا