(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُقَادُ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحُ صَاحِبِهِ فَيُقَادَ مِنْهُ فَإِنْ جَاءَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ مِثْلَ جُرْحِ الْأَوَّلِ حِينَ يَصِحُّ فَهُوَ الْقَوَدُ، وَإِنْ زَادَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَوْ مَاتَ فَلَيْسَ عَلَى الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَقِيدِ شَيْءٌ، وَإِنْ بَرِئَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ وَشُلَّ الْمَجْرُوحُ الْأَوَّلُ أَوْ بَرِئَتْ جِرَاحُهُ وَبِهَا عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ أَوْ عَثِلٌ فَإِنَّ الْمُسْتَقَادَ مِنْهُ لَا يُكْسَرُ الثَّانِيَةَ وَلَا يُقَادُ لِجُرْحِهِ، قَالَ وَلَكِنَّهُ يَعْقِلُ لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ أَوْ فَسَدَ مِنْهَا وَالْجِرَاحُ فِي الْجَسَدِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْ بَقِيَّةِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْأُصْبُعُ يُخْطِئُ فِيهِ بِأُنْمُلَةٍ وَلَا يُقَادُ مَرَّتَيْنِ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إنْ عَلِمَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَدْمَلَ وَنَبَتَ اللَّحْمُ أَتَمَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي تَمَامِ ذَلِكَ وَلَا دِيَةَ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْكِتَابَيْنِ لَيْسَ هَكَذَا، وَلَكِنْ إذَا قَصَرَ يَسِيرًا فَلَا يُعَادُ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَبْلَ الْبُرْءِ وَبَعْدَهُ قَالَ فِي الْكِتَابَيْنِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَإِنْ كَانَ بِفَوْرِهِ اُقْتُصَّ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ بَرُدَ وَأَخَذَهُ الدَّوَاءُ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ بَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ أَوْ يَكُونُ فِي الْبَاقِي عَقْلٌ كَانَ هُوَ وَلِيَّ الْقِصَاصِ أَوْ مَنْ جَعَلَهُ إلَيْهِ السُّلْطَانُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَأُجْرَةُ الْقِصَاصِ عَلَى الَّذِي يُقْتَصُّ لَهُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُوَكِّلُ مَنْ يَطْلُبُ دِيَتَهُ وَيَقْتَضِيهِ فَيَكُونَ جَعْلُهُ عَلَى الطَّالِبِ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّهُ لَا يُسْتَقَادُ مِنْهُ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُسْتَقَادُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُرْءِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ قَدْ يَئُولُ جُرْحُ الْجِنَايَةِ إلَى النَّفْسِ فَيُعَادُ الْقَوَدُ ثَانِيَةً، وَذَلِكَ خُرُوجٌ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا يُؤْخَذُ بِقِصَاصِ جُرْحٍ وَنَفْسٍ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُ صَاحِبِهِ يُرِيدُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ فَيُقَادُ مِنْهُ هَذَا لَفْظُ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ بِهِ الْبُرْءَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قُلْت أَيَنْتَظِرُ بِالْجُرْحِ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِدِيَةٍ أَوْ قِصَاصٍ إلَى السَّنَةِ أَوْ إلَى الْبُرْءِ فَإِنْ جَاوَزَ السَّنَةَ فَقَالَ قَدْ ذَكَرْنَا الْوَجْهَيْنِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ فِي السِّنِّ تَصْفَرُّ وَالْعَيْنُ تَدْمَعُ وَالشَّجَّةُ وَالْكَسْرُ كُلُّهُ وَالظُّفْرُ وَنَحْوُهُ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ سَنَةً.
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَالْجُرْحُ بِحَالِهِ عَقَلَ مَكَانَهُ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتًا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ فَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَيُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَمَّا مِثْلُ الْعَيْنِ تَدْمَعُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْجِرَاحِ قَدْ سُدَّتْ عَلَى ذَلِكَ وَبَرِئَتْ فَتِلْكَ تُعْقَلُ عِنْدَ السَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْجِرَاحِ فَلَا عَقْلَ وَلَا قِصَاصَ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ يُسْتَأْنَى بِهِ سَنَةً أَنَّهُ عِنْدَهُ لَا تَأْتِي عَلَيْهِ سَنَةٌ إلَّا وَقَدْ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَعَ ذِكْرِ السَّنَةِ فَإِنْ انْتَهَى إلَى مَا يُعْرَفُ عَقَلَ وَجْهُ اعْتِبَارِ السَّنَةِ أَنَّهَا حَدٌّ فِي مَعْنَاهُ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِمُعَانَاتِهِ كَمُعَانَاةِ الْمُعْتَرِضِ عَنْ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ تَسْتَوْعِبُ أَنْوَاعَ فُصُولِ الْمُعَانَاةِ، وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْبُرْءِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ خَوْفِ اجْتِمَاعِ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ وَالنَّفْسِ، وَوَجْهُ تَفْرِيقِ ابْنِ الْمَوَّازِ بَيْنَ الْعَيْنِ تَدْمَعُ وَبَيْنَ مَا خَالَفَهَا مِنْ الْجِرَاحِ أَنَّ تِلْكَ حَالُ الْبُرْءِ لِلْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ بَرَأَ عَلَى فَسَادٍ وَلَا يُرْجَى لَهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ بَرِئَ الْجُرْحُ عَلَى غِلَظٍ وَفَسَادٍ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِانْتِظَارِ الْبُرْءِ وَانْقِضَاءِ السَّنَةِ فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِالْقَسَامَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ مِثْلَ جُرْحِ الْأَوَّلِ حِينَ يَصِحُّ فَهُوَ الْقَوَدُ فَإِنْ زَادَ أَوْ مَاتَ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَقَادِ شَيْءٌ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ السِّرَايَةُ مِنْ الْقِصَاصِ مَضْمُونَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ كُلَّ قَطْعٍ كَانَ مَضْمُونًا فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ مَا يَسْرِي إلَيْهِ مَضْمُونًا كَقَطْعِ الْيَدِ الْأُولَى وَكُلُّ قَطْعٍ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُضْمَنُ مَا يُسْرِي إلَيْهِ كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ