ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ إلَى الضَّرْبِ، وَشِبْهَ الْخَطَإِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِهِ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمٌ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ مَا كَانَ بِعَصًا أَوْ وَكْزَةٍ أَوْ لَطْمَةٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ إثْمُ قَاتِلِ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ لَا قِصَاصَ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَمَّا مَالِكٌ، وَبَاقِي أَصْحَابِهِ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَلَا يَرَوْنَ تَغْلِيظَ الدِّيَةِ إلَّا فِي مِثْلِ مَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ، وَيَرَوْنَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْقَوَدَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ حَبِيبٍ مَا كَانَ عَلَى ثَائِرَةِ هَذَا الْمَعْرُوفِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا قَوَدَ فِيهِ كَانَ لِثَائِرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهَذَا الَّذِي أَوْرَدَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى أَنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ غَيْرَ مَا حَكَمَ بِهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ بِأَنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَيَرْوُونَهُ عَنْ مَالِكٍ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قُصِدَ فِيهِ الضَّرْبُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ فِيهِ شِبْهُ الْخَطَإِ مِنْ جِهَةِ الْآلَةِ الَّتِي ضُرِبَ بِهَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهَا، وَشِبْهُ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ قَصَدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فَإِنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ لِقَصْدِهِ الضَّرْبِ، وَشِبْهُ الْخَطَإِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا، وَالثَّانِي أَنَّهُ قَصَدَ اللَّعِبَ دُونَ غَضَبٍ وَلَا خَنْقٍ يَقْتَضِي قَصْدَ الْقَتْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ أَوْجَبَ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمُثْلَةَ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ إنَّ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ هِيَ شِبْهُ الْعَمْدِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا فِي مِثْلِ فِعْلِ الْمُدْلِجِيِّ ثَلَاثَةُ أَسْنَانٍ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فَإِذَا قُلْنَا إنَّ قَتْلَ الْأَبِ لِابْنِهِ حَدًّا هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ فَلَا خِلَافَ فِي إثْبَاتِهِ فِي الْعَمْدِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِنَا الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ.
وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي أَنَّ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الرِّوَايَتَانِ فِي التَّسْمِيَةِ وَالتَّغْلِيظِ دُونَ غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُلْحِقُ بِذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ عَلَى الْأَبِ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الزَّوْجِ يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ بِحَبْلٍ أَوْ سَوْطٍ فَيُصِيبُهَا مِنْهُ ذَهَابُ عَيْنٍ أَوْ غَيْرُهُ فَفِيهِ الْعَقْلُ دُونَ الْقَوَدِ.
وَكَذَلِكَ مَا جَرَى عَلَى الْأَدَبِ مِثْلُ الْمُعَلِّمِ أَوْ الصَّانِعِ أَوْ الْقَرَابَةِ يُؤَدِّبُونَ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ بِسِلَاحٍ وَشِبْهِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ بِأَثَرِ تَغْلِيظِ الدِّيَةِ عَلَى الْأَبِ فَقَالَ لَيْسَ الْأَخُ وَالْعَمُّ وَسَائِرُ الْقَرَابَةِ كَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ كَالْمُعَلِّمِ، وَذِي الصَّنَائِعِ مِنْ غَيْرِ سِلَاحٍ وَشِبْهِهِ فَظَاهِرُ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ فِيمَا يُؤَدِّبُ بِهِ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً فَيَكُونُ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مَا قُصِدَ بِهِ الضَّرْبُ بِآلَةٍ لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ بِمِثْلِ تِلْكَ الْآلَةِ فَإِنَّمَا فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا التَّغْلِيظُ وَالْأُخْرَى نَفْيُ التَّغْلِيظِ، وَلَا قَوَدَ فِيهِ جُمْلَةً.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا عَلَى وَجْهِ الْحَنَقِ وَالْغَضَبِ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَدَبٌ فَهَذَا فِي كَوْنِهِ شِبْهَ الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ، وَيَرْجِعُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ إلَى وُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ نَفْيِهِ وَتَغْلِيظِ الدِّيَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا مَنْ لَهُ الْأَدَبُ مِنْ الْقَرَابَةِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ فَهَذَا يَتَعَلَّقُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ بِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ خَاصَّةً، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يُوجَدَ الْقَتْلُ مِنْ الْأَبِ بِمَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا عَلَى وَجْهٍ فِيهِ الْحَذْفُ وَالرَّمْيُ أَوْ الضَّرْبُ الَّذِي لَا يَتَيَقَّنُ بِهِ قَصْدَهُ الْقَتْلَ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ.
1 -
(فَرْعٌ) ، وَتَغْلِيظُ الدِّيَةِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: فِي الْعَمْدِ الْمَحْضِ، وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدِهِمَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الدِّيَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْفُوَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ، وَيَطْلُبَ بَاقِيهِمْ حِصَّتَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ فَهَذَا تُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ فَتَكُونُ أَرْبَاعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَغْلِيظُ شِبْهِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ أَثْلَاثًا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا فِي الْإِبِلِ، وَالتَّغْلِيظُ فِي الْعَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدِهِمَا أَنْ