دِرْهَمٍ، ودِيَةُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ يُرِيدُ جَنِينَ الْحُرَّةِ عُشْرُ دِيَتِهَا، وَالْعُشْرُ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يُخَالِفُ فِي أَنَّ الْجَنِينَ لَا تَكُونُ فِيهِ الْغُرَّةُ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَ أُمِّهِ، وَيَسْقُطَ مِنْ بَطْنِهَا مَيِّتًا) .
(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَسَمِعْت أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْجَنِينُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : قَوْلُهُ إنَّ الْغُرَّةَ تُقَوَّمُ خَمْسِينَ دِينَارًا يُرِيدُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ يُرِيدُ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حُكْمِ أَهْلِ الْإِبِلِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَعَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ خَمْسُ فَرَائِضَ: بِنْتُ مَخَاضٍ، وَبِنْتُ لَبُونٍ، وَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَحِقَّةٌ، وَجَذَعَةٌ، وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَوَقَفَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ لَا مَدْخَلَ لِلْإِبِلِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، وَقَالَ أَصْحَابُهُ بِالْإِبِلِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ وَلَا أَحْسَبَهُ إلَّا وَقَدْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فِيهَا إلَّا الْإِبِلُ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَفْيِ الِاعْتِبَارِ بِالْإِبِلِ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ هِيَ قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ فَلِذَلِكَ قُوِّمَتْ بِهَا الْغُرَّةُ وَالْإِبِلُ لَيْسَتْ بِقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ فَلِذَلِكَ لَمْ تُعْتَبَرْ بِهَا الْغُرَّةُ، وَلِذَلِكَ كَانَ أَصْلُ الدِّيَةِ الْإِبِلَ لَكِنَّهَا رُدَّتْ إلَى الْعَيْنِ، وَمَا كَانَ أَصْلُهُ الْعَيْنَ لَا يُرَدُّ إلَى الْإِبِلِ، وَلَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ بِالْغُرَّةِ، وَاحْتِيجَ إلَى تَقْدِيرِهَا قُدِّرَتْ بِمَا يَقَعُ بِهِ التَّقْوِيمُ، وَهُوَ الْعَيْنُ دُونَ مَا لَا يَقَعُ بِهِ التَّقْوِيمُ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْإِبِلَ أَصْلٌ فِي الدِّيَةِ فَاعْتُبِرَ بِهِ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ كَالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
قَالَ مَالِكٌ فِي الْغُرَّةِ نَسَمَةٌ وَلَيْسَتْ كَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا، وَإِذَا بَذَلَ غُرَّةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ قُبِلَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ تُؤْخَذْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَهْلُهُ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا التَّقْوِيمَ إنَّمَا هُوَ بِضَرْبٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْغُرَّةِ لَفْظٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ حَقٌّ لَازِمٌ، وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مُقَدَّرَةٌ فَأَعْلَمَ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ فِيهَا هُوَ الَّذِي يُجْزِئُ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ، وَفِيهَا حَقُّ مَنْ بُذِلَتْ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَقَالَ عِيسَى الْقَاتِلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ غُرَّةً عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ.
(ش) : وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ أَنَّ الْجَنِينَ لَا تَثْبُتُ فِيهِ الْغُرَّةُ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَ أُمِّهِ، وَهِيَ حَيَّةٌ فَإِنْ مَاتَتْ، ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي أُمِّهِ الدِّيَةُ خَاصَّةً، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَالشَّافِعِيُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا حُكْمٌ يَتَّبِعُ فِيهِ أُمَّهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ كَالزَّكَاةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ تَلَفَهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا، وَلَوْ تَلِفَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا كَانَتْ فِيهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَا دِيَةَ فِيهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ هَذَا جَنِينٌ فَارَقَ أُمَّهُ مَيِّتًا فَلَزِمَتْ فِيهِ الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ إذَا خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِذَا خَرَجَ بَعْضُهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَا شَيْءَ فِيهِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيهِ الْغُرَّةُ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يُفَارِقْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ رَاعَى ابْتِدَاءَ خُرُوجِهِ دُونَ تَمَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(ش) : وَقَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً يُرِيدُ أَنَّ لَهُ بِخُرُوجِهِ حَيًّا حُكْمَ نَفْسِهِ فَيَجِبُ بِهِ مِنْ الدِّيَةِ مَا يَجِبُ بِالْحَيِّ الْكَبِيرِ، وَحِينَئِذٍ يُفَرَّقُ بَيْنَ ذَكَرِهِ وَأُنْثَاهُ فَفِي الذَّكَرِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ الْأُنْثَى نِصْفُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّرْبُ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَنْ ضُرِبَ، ثُمَّ عَاشَ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ اسْتَهَلَّ حِينَ مَاتَ مَكَانَهُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إنْ كَانَ الضَّرْبُ عَمْدًا فَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ قَالَ أَشْهَبُ عَمْدُهُ كَالْخَطَإِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِضَرْبِ غَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي