. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِيَهَا مُسْتَحَقُّهَا وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ حُكْمًا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ» يُرِيدُ بِالْمَدِينَةِ وَقَوْمُهُ بَنُو حَارِثَةَ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ يُرِيدُ شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ وَمَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُمَا مِنْ بَنِي حَارِثَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَيْضًا قَالَ «وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ» يُرِيدُ أَنَّ حُوَيِّصَةَ أَكْبَرُ مِنْ مُحَيِّصَةُ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِخَيْبَرَ إذْ جَرَى مِنْ أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ مَا جَرَى وَعَنْهُ يُؤْثِرُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ فِي أَمْرِهِ فَلِذَلِكَ أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَتَوَلَّى الْكَلَامَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسَنُّهُمْ إمَّا لِفَضِيلَةٍ بِالسِّنِّ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ لِفَضِيلَةٍ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعَ السِّنِّ إلَّا أَنَّ الْفَضَائِلَ غَيْرُ السِّنِّ أَمْرٌ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ وَلَا ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ بِالتَّدَاعِي فِيهِ وَفَضْلُهُ فِي السِّنِّ لَا يُنْكَرُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ بِجُمْلَةِ الْأَمْرِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ بِتَفَاصِيلِهِ لِمَا شَهِدَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُوَيِّصَةُ تَكَلَّمَ بِمُعْظَمِهِ وَأَنَّ مُحَيِّصَةُ أَكْمَلَ مَا نَسِيَ مِنْهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مُحَيِّصَةُ فَاسْتَوْفَاهُ.
1 -
(فَصْلٌ) وَقَوْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ إعْطَاءَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَرَى فِي كَلَامِ الْحَارِثِيَّيْنِ أَنَّهُمْ طَلَبُوا الدِّيَةَ دُونَ الْقِصَاصِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا ادَّعُوا حِينَئِذٍ قَتْلَهُ عَمْدًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ وَإِنَّمَا قَالُوا أَنَّ بَعْضَ يَهُودَ قَتَلَهُ وَلَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ لَمْ يَلْزَمْ فِي ذَلِكَ قِصَاصٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فِيهِ الدِّيَةُ كَالْقَتِيلِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَا يُعْرَفُ مَنْ قَتَلَهُ وَلَا يَقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَلَا يَشْهَدُ شَاهِدٌ بِمَنْ قَتَلَهُ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى الْفِرْقَةِ الْمُنَازِعَةِ لَهُ دُونَ قَسَامَةٍ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِالْقَسَامَةِ فِي هَذَا الْمُقَامِ وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ يَكُونُ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَقْطَعْ يَهُودُ بِأَنَّهَا لَمْ تَقْتُلْ وَلَمْ تَنْفِ ذَلِكَ عَنْ أَنْفُسِهَا وَتَقُولُ لَا عِلْمَ لَنَا وَإِنَّمَا أَظْهَرَ فِي الْمُقَامِ مَا يَجِبُ مِنْ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَقَعْ النَّفْيُ لِلْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ أَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا الدِّيَةَ فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَارَبَتِهِمْ فِي ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدُّوا الْحَقَّ وَيَلْتَزِمُوا مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَكَتَبَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي إعْلَامِهِمْ بِمَا فَعَلَهُ مُحَيِّصَةُ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَبِحُكْمِهِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إنَّا وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَهُمْ الْقَتْلَ عَنْ جَمِيعِهِمْ وَقَطْعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ يَدَّعِي الْقَتْلَ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنَّمَا ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَصَبَتُهُ الْقَائِمُونَ بِدَمِهِ فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَخُوهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِأَمْرِهِ إلَّا أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا كَانَ وَاحِدًا نُظِرَ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي دَمِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَمَاعَةٍ تَحْلِفُونَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَخَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ وَلِيُّ الدَّمِ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ أَيْمَانَ الْأَوْلِيَاءِ أُقِيمَتْ مَعَ اللَّوْثِ مُقَامَ الْبَيِّنَةِ فَكَمَا لَمْ يَكْفِ مِنْ الْبَيِّنَةِ فِي الدِّمَاءِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ فَكَذَلِكَ لَا يَكْفِي مِنْ الْحَالِفِينَ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَسَامَةَ لَمَّا كَانَتْ تَتَنَاوَلُ الدَّمَ فِي الْجِهَتَيْنِ احْتَاجَ أَنْ يُحْتَاطَ لِلدِّمَاءِ فِي الْجِهَتَيْنِ فَاحْتِيطَ مِنْ جِهَةِ الْقَتِيلِ إنْ قَبِلَ فِي ذَلِكَ مَالًا يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ مِنْ اللَّوْثِ عِنْدَ مَالِكٍ قَوْلُ