(ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنْ الْحَيَوَانِ، أَوْ الثِّيَابِ، أَوْ الْعُرُوضِ فَيُوجَدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ فَيُرَدُّ وَيُؤْمَرُ الَّذِي قَبَضَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ سِلْعَتَهُ قَالَ مَالِكٌ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إلَّا قِيمَتَهَا يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ يَوْمَ يَرُدُّ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَمِنَهَا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهَا فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ فَبِذَلِكَ كَانَ نَمَاؤُهَا وَزِيَادَتُهَا لَهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ يَقْبِضُ السِّلْعَةَ فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ نَافِقَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا، ثُمَّ يَرُدُّهَا فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ سَاقِطَةٌ لَا يُرِيدُهَا أَحَدٌ فَيَقْبِضُ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ مِنْ الرَّجُلِ فَيَبِيعَهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَيُمْسِكُهَا وَثَمَنُهَا ذَلِكَ، ثُمَّ يَرُدُّهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ وَيَقْبِضُهَا مِنْهُ الرَّجُلُ فَيَبِيعَهَا بِدِينَارٍ، أَوْ يُمْسِكُهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ، ثُمَّ يَرُدُّهَا وَقِيمَتَهَا يَوْمَ يَرُدَّهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا مِنْ مَالِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ إنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا قَبَضَ يَوْمَ قَبَضَهُ.

قَالَ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ السَّارِقَ إذَا سَرَقَ السِّلْعَةَ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى ثَمَنِهَا يَوْمَ يَسْرِقُهَا فَإِنْ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَأْخَرَ قَطَعَهُ إمَّا فِي سِجْنٍ يُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي شَأْنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَهْرُبَ السَّارِقُ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْحُرَّةِ وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ يَمْنَعُ وِلَايَةَ الْحَضَانَةِ؛ وَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْعَبْدِ حَضَانَةُ ابْنِهِ فِي الظَّعْنِ فَإِذَا كَانَ مَعَ الرِّقِّ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَمَعَ الظَّعْنِ أَوْلَى.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى أَنْ تَرَكَتْ حَضَانَةَ وَلَدِهَا فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْحُرَّةِ تُصَالِحُ الزَّوْجَ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَلَدِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو زَيْدٍ أَنَّ الشَّرْطَ لَازِمٌ كَالْحُرَّةِ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ حَمْلَهُ عَلَى وَجْهِ الزِّيَارَةِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ لِقُرْبِ الْمَوْضِعِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ ضُيِّعَ تَضْيِيعًا يَخَافُ أَنْ يَضُرَّ بِهِ وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ لَهُ أَخْذَهُ وَيَجْعَلُهُ أَحَقَّ بِحَضَانَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ قَدْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ فَصَارَ الصَّبِيُّ إلَى جَدَّتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ عُمَرُ أَنَّ الْجَدَّةَ تَبْتَغِي حَضَانَتَهُ، أَوْ لَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ الْجَدَّةِ فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ وَهِيَ السَّمْرَاءُ بِنْتُ أَبِي عَامِرٍ وَنَازَعَتْهُ إيَّاهُ فَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ جَدَّتَهُ خَاصَمَتْ فِيهِ جَدَّهُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَتَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكْمُلَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ ثَمَانِ سِنِينَ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَأَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْإِمَامَ الَّذِي يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ عُمَرُ ابْنِي وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ ابْنِي فَأَظْهَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّتَهُ وَسَبَبَهُ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ يَقْتَضِي لَهُ أَخْذَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ يُرِيدُ أَنَّهَا لَمَّا اسْتَوْعَبَتْ حُجَّتَهَا وَرَأَى أَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَقَّ بِهِ قَضَى عَلَى عُمَرَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَتَذْهَبَ بِهِ وَتَأْخُذَ بِحَقِّهَا مِنْ حَضَانَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامُ يُرِيدُ أَنَّهُ سَلَّمَ حُكْمَهُ وَالْتَزَمَ مَا يَلْتَزِمُ مِنْ طَاعَتِهِ وَالرِّضَا بِمَا قَضَى بِهِ وَإِنْ كَانَ يَرَى هُوَ غَيْرَهُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ حُكْمِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْعَيْبُ فِي السِّلْعَةِ وَضَمَانُهَا]

مَعْنَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْعَيْبَ يَحْدُثُ بِالسِّلْعَةِ بَعْدَ ابْتِيَاعِ الْمُبْتَاعِ لَهَا بَيْعًا فَاسِدًا يَجِبُ رَدُّهُ فَإِنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الْعَيْبِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ نَقْصٍ وَهَلَاكٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي قَبَضَهَا، وَكَذَلِكَ مَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ زِيَادَةٍ وَنَمَاءٍ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْمُشْتَرِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015