. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَضَانَةُ لَهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ إسْنَادُهُ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْفِرَادِ بِنَفْسِهِ وَالْأُمُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَصْبَرُ عَلَى خِدْمَتِهِ وَمُرَاعَاةِ حَالِهِ وَالْأَبُ لَا يَسْتَطِيعُ تَعَاهُدَ ذَلِكَ فَكَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ بِذَلِكَ وَهُوَ الْحَدُّ الَّذِي يَقْوَى فِيهِ وَيُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ مَنْ يَخْدُمُهُ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الِابْنَ إذَا قَارَبَ الِاحْتِلَامَ وَأَنْبَتَ وَاسْوَدَّ نَبَاتُهُ فَالْأَبُ يَضُمُّهُ إلَى نَفْسِهِ وَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤَقِّتُ فِي ذَلِكَ الِاحْتِلَامَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: حَدُّهُ أَنْ يَحْتَلِمَ الذَّكَرُ صَحِيحَ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْإِنْبَاتَ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَثْبُتَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الِاحْتِلَامُ فَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الصَّبِيِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتُمَهُ وَيَدَّعِيَهُ فَكَانَ الْإِنْبَاتُ أَوْلَى وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ رُوعِيَ فِيهِ بِنَاءُ الزَّوْجِ فِي حَقِّ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الِاحْتِلَامُ فِي حَقِّ الذُّكُورِ كَوُجُوبِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً حُرَّةً فَإِنْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً فَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا حَقَّ لِلنَّصْرَانِيَّةِ فِي الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَوْ أُثْنِيَ عَلَيْهَا ثَنَاءُ سُوءٍ لَنُزِعَ مِنْهَا؛ فَهَذِهِ أَوْلَى قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: الْحَضَانَةُ لَهَا وَاجِبَةٌ، وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَهُنَّ الْحَضَانَةُ سَوَاءٌ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ، أَوْ مُسْلِمَاتٍ أَوْ مَجُوسِيَّاتٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا أُمٌّ حُرَّةٌ خِلْوٌ مِنْ زَوْجٍ لِلِابْنِ فِي حَضَانَتِهَا مِرْفَقٌ فَكَانَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ كَالْمُسْلِمَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ، أَوْ تَضْعُفُ عَنْهُ، أَوْ سَفِيهَةً، أَوْ سَقِيمَةً، أَوْ ضَعِيفَةً، أَوْ مُسِنَّةً فَلَا حَضَانَةَ لَهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَضَانَةَ إنَّمَا هِيَ لِلرِّفْقِ بِالصَّغِيرِ فَإِذَا عَجَزَتْ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ، عَدِمَ الرِّفْقَ وَكَانَ فِي مَقَامِهِ عِنْدَهَا تَضْيِيعٌ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
1 -
(فَرْعٌ) وَإِذَا كَانَ الِابْنُ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ لَمْ يُمْنَعْ الِاخْتِلَافَ إلَى أَبِيهِ يُعَلِّمْهُ، وَيَأْوِي إلَى الْأُمِّ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الِابْنَ مُحْتَاجٌ إلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ أَبُوهُ وَيُؤَدِّبَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَةَ وَالصَّنَائِعَ وَالتَّصَرُّفَ وَتِلْكَ مَعَانٍ إنَّمَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْأَبِ فَكَانَ الْأَبُ أَوْلَى بِالِابْنِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى التَّعَلُّمِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تَخْتَصُّ بِالْمَبِيتِ وَمُبَاشَرَةِ عَمَلِ الطَّعَامِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَتَهْيِئَةِ الْمَضْجَعِ وَالْمَلْبَسِ وَالْعَوْنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْمُطَالَعَةِ لِمَنْ يُبَاشِرُهُ وَتَنْظِيفِ الْجِسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي تَخْتَصُّ مُبَاشَرَتُهَا بِالنِّسَاءِ وَلَا يَسْتَغْنِي الصَّغِيرُ عَنْ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُ؛ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَحَقَّ مِمَّا إلَيْهِ مَنَافِعُ الصَّبِيِّ وَالْقِيَامُ بِأَمْرِهِ.
1 -
(فَرْعٌ) فَإِنْ شَكَا الْأَبُ ضَيَاعَ نَفَقَةِ ابْنِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَهُ فَقَدْ كَتَبَ سَحْنُونٌ إلَى شَجَرَةٍ فِي الْخَالَةِ تَجِبُ لَهَا الْحَضَانَةُ فَيَقُولُ الْأَبُ يَكُونُ وَلَدِي عِنْدِي لِأُعَلِّمَهُ وَأُطْعِمَهُ فَإِنَّ الْخَالَةَ تَأْكُلُ مَا أَرْزُقُهُمْ وَهِيَ مُكَذِّبَةٌ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُطْعِمَهُ وَيُعَلِّمَهُ وَتَكُونُ الْحَضَانَةُ لِلْخَالَةِ فَجَعَلَ الْحَضَانَةَ أَنْ يَأْوِيَ إلَيْهَا وَتُبَاشِرَ سَائِرَ أَحْوَالِهِ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ.
(فَرْعٌ) وَإِذَا كَانَتْ الصَّبِيَّةُ عِنْدَ جَدَّتِهَا لَمْ يُمْنَعْ رَسُولُ عَمَّتِهَا مِنْ زِيَارَتِهَا وَعِيَادَتِهَا وَلَا يَمْنَعُ عَمَّتَهَا أَنْ تَأْتِيهَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْعَمَّةِ حَقًّا فِي مُطَالَعَةِ حَالِهَا وَمَعْرِفَةِ مَجَارِي أُمُورِهَا وَصِحَّتِهَا وَسَقَمِهَا وَمَا تُبَاشِرُ مِنْ عَمَلِهَا لِلرَّحِمِ الَّتِي بَيْنَهُمَا فَلَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يَدْخُلُ بِهِ مَضَرَّةٌ مِنْ كَثْرَةِ مُلَازَمَتِهَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ الْأُمُّ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَالْحَضَانَةُ لَهَا مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا فَإِذَا دَخَلَ بِهَا بَطَلَتْ حَضَانَتُهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِتَكَرُّهِ الزَّوْجِ لَهُ وَضَجَرِهِ بِهِ وَالْأُمُّ تَدْعُوهَا الضَّرُورَةُ إلَى التَّقْصِيرِ فِي تَعَاهُدِهِ طَلَبًا لِمَرْضَاةِ الزَّوْجِ وَاشْتِغَالًا بِهِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مُضِرٌّ بِالصَّبِيِّ فَبَطَلَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ فَرَضِيَ الزَّوْجُ أَنْ يَتْرُكَ عِنْدَهَا الْوَلَدَ حَوْلَيْنِ