(ص) : (مَالِكُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ، ثُمَّ إنَّهُ فَارَقَهَا فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءَ فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إيَّاهُ حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَقَالَ عُمَرُ: ابْنِي، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: ابْنِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الرَّجُلُ يُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى بَدَنِهَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى سَاقَيْهَا وَعَجُزِهَا وَبَطْنِهَا وَقَالَ لَا حُرْمَةَ لَهَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ يَنْظُرُ إلَى جَمِيعِهَا إلَّا الْفَرْجَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ هِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَفْلَحِ أُخْتُ عَاصِمٍ كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةٌ فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمِيلَةً وَقَدْ قِيلَ: إنَّهَا بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا بْنَ عُمَرَ قِيلَ إنَّهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَتَيْنِ، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ فَارَقَهَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَتَزَوَّجَ جَمِيلَةَ بَعْدَ عُمَرَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءَ فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ عِنْدَ أُمِّهِ، أَوْ جَدَّتِهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ عِنْدَ جَدَّتِهِ زَائِرًا لَهَا، أَوْ لَعَلَّ أُمَّهُ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ فَانْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ إلَى الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ ابْنِي كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأُمَّ أَرْفَقُ بِالِابْنِ وَأَحْسَنُ تَنَاوُلًا لِغُسْلِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ كُلِّهِ مَعَ مُلَازَمَتِهَا ذَلِكَ وَاشْتِغَالِ الْأَبِ عَنْهُ فِي تَصَرُّفِهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِالِابْنِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَلْ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْأُمِّ، أَوْ الْوَلَدِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ: هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأُمِّ «فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَلْحَقُهَا الضَّرَرُ بِالتَّفْرِقَةِ مِنْهَا مَعَ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ النِّسَاءُ مِنْ الْإِشْفَاقِ مِنْ ذَلِكَ وَالتَّوَجُّعِ لَهُ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ حَقٌّ لِلْوَلَدِ؛ فَلِأَنَّ الْغَرَضَ حِفْظُهُ وَمَصَالِحُهُ؛ وَلِذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهَا إذَا تَزَوَّجَتْ، وَإِنْ لَحِقَهَا الضَّرَرُ بِأَخْذِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ رَضِيَ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْوَلَدُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عِنْدَ أَبِيهِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ أُمُّهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَاعْتَبَرَ رِضَا الْأُمِّ وَالْوَلَدِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَنِهَايَةُ هَذِهِ الْحَضَانَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْبُلُوغُ فِي الذُّكُورِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ حَدَّهَا فِي الذُّكُورِ الِاثِّغَارُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي تَفْرِيعِهِ حَدَّ الْحَضَانَةِ الِاحْتِلَامُ وَقِيلَ حَتَّى يُثْغِرَ وَأَمَّا فِي الْإِنَاثِ فَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ بِأَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ أَبِيهَا أَصْوَنَ لَهَا وَأَمْنَعَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَيُخْتَارُ لَهَا الْمَوْضِعُ الْأَصْوَنُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى فَحَتَّى يَبْلُغَ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَحَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَمَّنْ يَحْضُنُهُ وَيَقُومَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا بَلَغَ الْوَلَدُ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانِيًا خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَمَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا كَانَتْ