. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْقَصَّارِ ادْفَعْ أُجْرَةَ الْخِيَاطَةِ لِلَّذِي خَاطَهُ وَخُذْهُ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْآخَرِ ادْفَعْ إلَيْهِ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ هَذَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، وَهَذَا بِقِيمَةِ الْخِيَاطَةِ.
(فَصْلٌ) :
قَوْلُهُ فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ لُبْسُهُ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ قَالَهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَسَّالِ إلَّا أَنْ يُعْدِمَ اللَّابِسُ فَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ وَيَتْبَعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ لَبِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الثَّوْبَ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ عَالَمِينَ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَةُ اللُّبْسِ وَرَجَعَ مَنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ اسْتَوَتْ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا وَشَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ عَمَلًا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ كُلَّ مَا يُعْرَفُ صِفَةُ خُرُوجِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيَشْتَرِطَ عَلَى الْبَائِعِ عَمَلَهُ كَالنَّعْلِ عَلَى أَنْ يَخْرِزَ وَالْقَمِيصِ عَلَى أَنْ يُخَاطَ وَالْقَلَنْسُوَةِ عَلَى أَنْ تُعْمَلَ وَالْقَمْحِ عَلَى أَنْ يُطْحَنَ، وَقَدْ فَرَضَ مَالِكٌ الْقَمْحَ فِي بَعْضِ قَوْلِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَ النُّحَاسَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ تَوْرًا وَقِيلَ لِسَحْنُونٍ قَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شِرَاءِ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ قَمِيصًا وَالظِّهَارَةَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا جُبَّةً وَالْحَدِيدَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ قِدْرًا، أَوْ عُودًا يَنْحِتُهُ سَرْجًا وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، وَقَدْ جَرَى فِي مَسَائِلِ مَالِكٍ فِي الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ وَالزَّيْتُونِ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ أَنَّهُ كَرِهَهُ، قَالَ إنَّمَا خَفَّفَهُ مَالِكٌ فِي الطَّحِينِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَقَدْ عَمَّرَهُ أَيْضًا مَالِكٌ فِي الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ وَالزَّيْتُونِ عَلَى عَصْرِهِ إلَّا مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ خَفَّفَهُ وَكُلُّ بَيْعٍ مَعَ إجَارَةٍ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ مَنَعَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِ فَإِجَارَة وَكُلُّ بَيْعٍ وَشَرِكَةٍ دَاخِلَةٍ فِي الْمَبِيعِ فَأَجِزْهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْهُ فَلَا تُجِزْهَا فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يُجْهَلُ صِفَةُ الْخَارِجِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِيمَا تُعْرَفُ صِفَةُ الْخَارِجِ مِنْهُ الْقَوْلَانِ الْمَنْعُ وَالْإِجَازَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَجْهُ الْإِجَازَةِ بِصِفَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ فِي غَيْرِهِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ مَبِيعٌ مُعَيَّنٌ لَا يَقْبِضُ إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ يَخَافُ ضَيَاعَهُ فِيهَا فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِيهِ.
(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَتَلِفَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْخَيَّاطِ، فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَطَحْنِ الْقَمْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يَعْمَلُ تِلْكَ الصَّنْعَةَ فَيَضْمَنُ كَالصُّنَّاعِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُوَ الصَّانِعُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى ضَمَانِ الصَّانِعِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الصَّانِعُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَانِعٍ غَيْرِهِ وَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ الْأَعْمَالَ وَالْتَزَمَ إتْمَامَ الصِّنَاعَاتِ فِيمَا دُونَ أَنْ يَتَوَلَّى عَمَلَهَا، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهَا إلَى الصُّنَّاعِ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعَمَلِ وَلَا مَعْرُوفًا بِتَنَاوُلِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الَّذِي بَاعَ الثَّوْبَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْخَيَّاطِ قَدْ الْتَزَمَ خِيَاطَتَهُ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ إذَا خِطْتَهُ فَادْفَعْهُ إلَى غَسَّالٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ خِيَاطَتَهُ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْغَسَّالِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِذَا قَالَ ضَاعَ عِنْدَ الْغَسَّالِ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ رَدَدْته عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ وَيُضَمِّنُهُ الْغَسَّالُ إنْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ.
وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ لَا يُصَدَّقَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ رَدَدْته إلَيْك كَانَ يَجِبُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي قَوْلِهِ دَفَعْته إلَى الْغَسَّالِ إذَا أَنْكَرَ الْغَسَّالُ، وَقَدْ صَدَقَ فِي قَوْلِهِ إذَا قَالَ رَدَدْته إلَيْك كَالْوَكِيلِ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ رَدَدْته إلَيْك وَلَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ دَفَعْته إلَى الصَّانِعِ إذَا أَكْذَبَهُ الصَّانِعُ وَعَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ حَبِيبٍ هَذِهِ إنْ كَانَ الْتَزَمَ الْخَيَّاطُ الْغَسْلَ فِي ذِمَّتِهِ بِأُجْرَةٍ أَخَذَهَا مَعَ أُجْرَةِ خِيَاطَتِهِ فَهِيَ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ سَحْنُونٍ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا نَابَ فِي تَسْلِيمِهِ إلَى الْغَسَّالِ عَنْ الْمُشْتَرِي إمَّا بِأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْغَسَّالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا بِأَنْ اسْتَأْجَرَ هُوَ الْغَسَّالَ وَأَذِنَ لِلْخَيَّاطِ فِي تَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَحُكْمُهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ حُكْمُ الْوَكِيلِ وَحُكْمُهُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ حُكْمُ مَنْ يَدْفَعُ إلَى