. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى خَلِقَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ قِيمَةَ الثَّوْبِ الَّذِي لَبِسَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُقَا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ الثَّوْبُ الَّذِي لَبِسَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَسَّالِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ صَاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُغَرِّمَ اللَّابِسَ، أَوْ الْغَسَّالَ فَإِنْ أَغْرَمَ اللَّابِسَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَسَّالِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَغْرَمَ الْغَسَّالَ رَجَعَ عَلَى اللَّابِسِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَى الْغَسَّالِ مِنْ أَنَّ اللَّابِسَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ سَلَّطَهُ عَلَى لُبْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَبَغَهُ لِيَلْبَسَهُ فَإِذَا رَدَّهُ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ ثَوْبُهُ فَقَدْ سَلَّطَهُ عَلَى لُبْسِهِ وَالثَّوْبُ يَتَغَيَّرُ بِالْعَمَلِ فَلَمْ يُمَيِّزْهُ صَاحِبُهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ لَلَحِقَ النَّاسَ الْمَشَقَّةُ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ لُبْسِ ثِيَابِهِمْ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ أَكْثَرُ مَا فِي حَالِ اللَّابِسِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالْإِتْلَافُ إنَّمَا وُجِدَ مِنْ اللَّابِسِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْدَأَ بِالضَّمَانِ فَلَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُهُ، أَوْ أَفْلَسَ لَكَانَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَسَّالِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ إتْلَافِ ثَوْبِهِ بِدَفْعِهِ إلَى مَنْ أَتْلَفَهُ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ جِهَتِهِ.
(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا لَا يَضْمَنُ اللَّابِسُ مَا أَتْلَفَ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الْمَلْبُوسِ دِينَارَيْنِ وَقِيمَةُ الْآخَرِ دِينَارًا نَظَرَ كَمْ يَنْقُصُ ثَوْبُهُ عَنْ الثَّانِي إنْ لَوْ لَبِسَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ نِصْفَ دِينَارٍ، وَقَدْ نَقَصَ مِنْ الْمَلْبُوسِ دِينَارٌ كَانَ عَلَى اللَّابِسِ الَّذِي لَمْ يَلْبَسْ ثَوْبَهُ نِصْفُ دِينَارٍ وَنِصْفٌ آخَرُ عَلَى الْغَسَّالِ، وَإِنْ كَانَ الْمَلْبُوسُ نَقَصَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ فَلَيْسَ عَلَى اللَّابِسِ إلَّا ذَلِكَ الْأَقَلَّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَسَّالِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَلْبُوسِ دِينَارًا وَقِيمَةُ الَّذِي لَمْ يَلْبَسْ دِينَارَيْنِ وَكَانَ ثَوْبُ اللَّابِسِ لَوْ لَبِسَهُ ذَلِكَ نَقَصَ نِصْفَ دِينَارٍ، وَقَدْ نَقَصَ الْمَلْبُوسُ رُبْعُ دِينَارٍ غَرِمَ اللَّابِسُ رُبْعَ دِينَارٍ إلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنْ الْقِيمَةِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ نِصْفَ دِينَارٍ فَلَا يَغْرَمُ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَوْ لَبِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعُ مَنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى الْغَسَّالِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فَرَجَعَ هَذَا التَّفْسِيرُ إلَى أَنَّ اللَّابِسَ إنَّمَا عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِتَلَفِ لِبَاسِهِ مِنْ ثَوْبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَبِسَ هَذَا الثَّوْبَ فَيُقَالُ لَهُ هَبْكَ أَنَّك لَبِسْت ثَوْبَك عَلَيْك عِوَضَ مَا كَانَ يَنْقُصُهُ لُبْسُك؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ يُسَلَّمُ إلَيْك لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ مِنْ ثَوْبِك فَعَلَيْك ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَى الْغَسَّالِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَهُ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَتْلَفَ مِنْ مَالِ صَاحِبِ الثَّوْبِ الَّذِي لَبِسَ، وَأَمَّا قَدْرُ مَا كَانَ يُتْلِفُهُ مِنْ ثَوْبِهِ لَوْ لَبِسَهُ فَلَيْسَ بِمَعْنَى الْغُرْمِ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ ثَوْبِهِ لَمْ يَذْهَبْ بِلُبْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ وَمَعْنَاهُ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّهُ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا لَبِسَهُ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ فَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ فَإِنَّ لِي أَنْ آخُذَ ثَوْبِي وَأُضَمِّنَهُ الْقَصَّارَ دُونَ الَّذِي قَطَعَهُ، أَوْ نَقَصَهُ الْقَطْعُ أَوْ الْخِيَاطَةُ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ آخُذَ ثَوْبِي وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا نَقَصَتْهُ الْخِيَاطَةُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِلْخِيَاطَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَضَمِنَ الْقَصَّارُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الثَّوْبَ مِمَّنْ قَطَعَهُ يُجْبَرُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ مَا نَقَصَتْهُ الْخِيَاطَةُ وَالْغَاصِبُ يَرُدُّ مَا قَطَعَ وَمَا يَنْقُصُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَمَنْ وَجَدَ بِثَوْبٍ عَيْبًا بَعْدَ أَنْ قَطَعَهُ رَدَّهُ وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ بَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ وَأَخْذُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ.
(فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَهُ قَدْ قَطَعَهُ وَخَاطَهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْقَصَّارَ ثَوْبَهُ غَيْرَ مَقْصُورٍ أَوْ يَأْخُذَهُ وَيَغْرَمُ خِيَاطَتَهُ وَيُعْطِي الْقَصَّارَ أَجْرَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَجْرِ الْخِيَاطَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَبَى صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْخِيَاطَةِ فَلِلَّذِي خَاطَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ صَحِيحًا، أَوْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ مَخِيطًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ، أَوْ يُضَمِّنَ الْقَصَّارَ قِيمَتَهُ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا أَبَى صَاحِبُ الثَّوْبِ مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ الْخِيَاطَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يُضَمِّنَ الْقَصَّارَ فَإِنْ ضَمِنَهُ قِيلَ