. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQخَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ: يَضْمَنُ الْمُشْتَرَكَ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي قَبْضِ الْمُشْتَرَكِ قَوْلَانِ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يَضْمَنُ الصَّانِعُ الْخَاصَّ وَهُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُ إلَى مَكَانِهِ يَصْنَعُ فِيهِ وَاَلَّذِي يَعْمَلُ فِي حَانُوتِهِ هُوَ الْمُشْتَرَكُ قَالَ وَقَالَهُ كُلَّهُ أَصْبَغُ وَإِذَا كَانَ مَعْنَى الْخَاصِّ الَّذِي يَعْمَلُ عِنْدَك فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْخَاصِّ الَّذِي لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ، وَإِنَّمَا عَمِلَ بِهَذَا خَاصَّةً فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ عِيسَى مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى رَجُلٍ يُقَصِّرُهُ، أَوْ يَخِيطُهُ، أَوْ يُرَقِّعُهُ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ إذَا لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ صَانِعًا وَهُوَ كَالْأَمِينِ حَتَّى يَنْصِبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ فَيَضْمَنَ فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْخَاصَّ هُوَ مَنْ عَمِلَ فِي مَنْزِلِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْ حَرْقٍ، أَوْ فَسَادٍ إلَّا أَنْ يَغِرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَيَضْمَنَ وَجْهَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ صَانِعٌ فَكَانَ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى حُكْمِ ضَمَانِ الصُّنَّاعِ كَالْمُشْتَرَكِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ قَابِضٍ لِمَا يَصْنَعُ فِيهِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ بِالْيَدِ كَمَا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الصَّانِعُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَوَاءٌ عَمِلُوهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَإِنَّهُمْ ضَامِنُونَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا يَضْمَنُ مِنْ عَمَلٍ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّهُ صَانِعٌ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِ مَا قَبَضَهُ لِلْعَمَلِ فَكَانَ ضَامِنًا كَمَا لَوْ عَمِلَهُ بِأَجْرٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَتَاعِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَمَرَ الثَّوْبَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فَقَطَّهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّانِعَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِمَّا لَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَإِذَا أَصَابَهُ أَمْرٌ مِنْ قِبَلِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَصْدَهُ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَعْمَلُ مَعَهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ مَا أَصَابَهُ مِنْ عَمَلِ صَاحِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّانِعِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَمَلِ الصَّانِعِ فَهُوَ مِنْهُ، وَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْهُمَا يَلْزَمُ الصَّانِعَ نِصْفُ مَا نَقَصَهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِمَا لَكَانَ مِنْهُمَا فَإِذَا تَرَدَّدَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ بِهِ مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا أَصْلَحَ فِيهِ الْيَسِيرُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَجْرٍ مِثْلِ فَصِّ خَاتَمٍ وَرُقْعَةِ ثَوْبٍ، أَوْ زِرِّهِ، أَوْ سَيْرٍ فِي قِلَادَةٍ بِقِيمَتِهِ إذَا أَسْلَمَ ذَلِكَ إلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا ضَمِنُوا مَا أَسْلَمَ إلَيْهِمْ لِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِذَا أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ، أَوْ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ فَسَادًا يَسِيرًا، فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُخْتَصَرِ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ أَنْ يَرْفَأَهُ يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ صَحِيحًا وَمَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَرْفُوًّا فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَثُرَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ كُلَّهُ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إذَا أَفْسَدَهُ بِخِيَاطَةٍ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَهُ صَحِيحًا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يَضْمَنُ مَنْ دُفِعَتْ إلَيْهِ لُؤْلُؤَةٌ لِثَقْبِهَا إذَا كُسِرَتْ قَالَ أَصْبَغُ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَوْ يَخْرِمُ مَوْضِعَ الثَّقْبِ، وَلَوْ تَعَدَّى الثُّقْبَ لَضَمِنَ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْسُ تُدْفَعُ لِمَنْ يَعْمُرُهَا وَالرُّمْحُ لِمَنْ يُقَوِّمُهُ وَالْفَصُّ لِمَنْ يَنْقُشُهُ وَالدَّابَّةُ يُسْرِجُهَا الْبَيْطَارُ وَالسَّيْفُ يُقَوِّمُهُ الصَّقَّالُ فَيَنْكَسِرُ ذَلِكَ كُلُّهُ، أَوْ الْمَرِيضُ يُسْقَى الدَّوَاءَ، أَوْ يَكْوِيهِ الطَّبِيبُ فَيَمُوتُ مِنْ كيه، أَوْ الْخَاتِنُ يَخْتِنُ الصَّبِيَّ فَيَمُوتُ مِنْ خِتَانَتِهِ، أَوْ الْحَجَّامُ يَقْلَعُ الضِّرْسَ فَيَمُوتُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا كُلِّهِ الْغَرَرُ فَصَاحِبُهُ إذَا أَذِنَ فِي الْعَمَلِ وَعَمِلَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْعَمَلِ فَقَدْ عَرَضَهُ لِمَا حَدَثَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّانِعِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالتَّعَدِّي أَوْ بِتَلَفٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَا تَلَفٍ مَجْهُولٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ فِي الْفَرَّانِ لَا يَضْمَنُ مَا أَحْرَقَ مِنْ الْخُبْزِ وَالْغَزْلِ؛ لِأَنَّ احْتِرَاقَهُ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ وَهُوَ مِنْ غَلَبَةِ النَّارِ إلَّا أَنْ يَغُرَّ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ