(ص) : (قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الصَّبَّاغِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَيُخْطِئُ بِهِ فَيَدْفَعُهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ حَتَّى يَلْبَسَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى الَّذِي لَبِسَهُ وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ، وَذَلِكَ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّانِعَ مُدَّعٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ ضَرَرَ الشَّرِكَةِ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الثَّوْبِ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَوَجْهُ الْعَمَلِ فِي التَّحَالُفِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ إنْ اخْتَارَ رَبُّ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ وَيُعْطِيَهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ أَقَلَّ مِمَّا ادَّعَى الصَّانِعُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَدَّى ذَلِكَ رَبُّ الثَّوْبِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ مِثْلَ مَا ادَّعَى الصَّانِعُ حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَيُؤَدِّي قِيمَةَ الصَّبْغِ فَإِنْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَضْمَنَهُ فَإِنْ طَاعَ الصَّبَّاغُ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَبَى تَحَالَفَا وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الصَّانِعَ مُدَّعٍ فَيَحْلِفُ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يُجْبَرُ الصَّانِعُ عَلَى دَفْعِ قِيمَةِ الثَّوْبِ هَذَا قَوْلُ الصَّقَلِّيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ مِنْ شُيُوخِنَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ لَفْظِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِ الْكِتَابِ يَقْتَضِي التَّحَالُفَ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَعَلَى مَا تَأَوَّلُوهُ يَثْبُتُ التَّخْيِيرُ قَبْلَ التَّحَالُفِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْلَى وَهُوَ أَنْ يُبْدَأَ بِأَيْمَانِهِمَا قَبْلَ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بَعْدَ الْأَيْمَانِ فَحَلَفَ أَوَّلًا رَبُّ الثَّوْبِ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْإِذْنِ فِي الصَّبْغِ وَيَحْلِفُ الصَّانِعُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ التَّعَدِّي فَإِذَا كَمُلَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا بُدِئَ بِتَخْيِيرِ رَبِّ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَهُ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ الصَّبَّاغَ يَضْمَنُ مَا أَخْطَأَ بِهِ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي بَعْضُهَا لِلْقَابِضِ لَهَا يَقْتَضِي ضَمَانَ الصُّنَّاعِ مِمَّا ضَاعَ عِنْدَهُمْ مِمَّا قَبَضُوهُ عَلَى مَا نُفَسِّرُهُ بَعْدَ هَذَا وَضَمَانُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُصْلِحُ النَّاسَ إلَّا ذَلِكَ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا: وَذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ وَإِذْ لَا غِنَى بِالنَّاسِ عَنْهُمْ كَمَا نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي لِلْمَصْلَحَةِ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ ضَمِنَ الْأَكْرِيَاءُ الطَّعَامَ خَاصَّةً لِلْمَصْلَحَةِ وَمَا أَدْرَكْتُ الْعُلَمَاءَ إلَّا وَهُمْ يُضَمِّنُونَ الصُّنَّاعَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَتَعَلَّقُ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَنَظَرٌ لِلصُّنَّاعِ وَأَرْبَابِ السِّلَعِ وَفِي تَرْكِهِ ذَرِيعَةٌ إلَى إتْلَافِ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ أَنَّ بِالنَّاسِ ضَرُورَةً إلَى الصُّنَّاعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنُ أَنْ يَخِيطَ ثَوْبَهُ أَوْ يُقَصِّرَهُ، أَوْ يُطَرِّزَهُ، أَوْ يَصْبُغَهُ فَلَوْ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الصُّنَّاعِ فِي ضَيَاعِ الْأَمْوَالِ لَتَسَرَّعُوا إلَى دَعْوَى ذَلِكَ وَلَلَحِقَ أَرْبَابَ السِّلَعِ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَدْفَعُوا إلَيْهِمْ الْمَتَاعَ فَلَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ مَا ذَكَرْنَاهُ، أَوْ لَا يَدْفَعُوهُ فَيَضْرِبُهُمْ فَكَانَ تَضْمِينُهُمْ خِلَافًا لِلْفَرِيقَيْنِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لِلْأَخْذِ بِعَقْدٍ مُتَقَدِّمٍ فَلَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهَا كَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَلَوْ شَرَطَ الصَّانِعُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يَنْفَعْهُ الشَّرْطُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَحَلٌّ لِلضَّمَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالشَّرْطِ كَشَرْطِهِ فِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ شَرَطَ الضَّمَانَ فِيمَا يُسْقِطُ عَنْهُ الضَّمَانَ بِالْبَيِّنَةِ عَنْ تَلَفِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ فَوَجَبَ أَنْ يَنْفَعَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ تَصْدِيقُهُ فِي الضَّيَاعِ وَمِنْ شَرْطِ التَّصْدِيقِ نَفْعُهُ كَمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الِاقْتِضَاءِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ ضَامِنٌ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ أَعْطَى ثَوْبَهُ لِصَانِعٍ يَعْمَلُ فِيهِ فَقَالَ يَكُونُ عِنْدِي حَتَّى آتِي فَأُعَامِلَك فِيهِ فَيَضِيعَ فَقَدْ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ عِنْدَهُ عَلَى الْعَمَلِ لَا عَلَى الْأَمَانَةِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015