(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا» )

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ دَعَا إلَى الْبَيْعِ أُجْبِرَ إشْرَاكُهُ عَلَى التَّسْوِيقِ مَعَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْبَيْعَ مَنْ دَعَا إلَيْهِ قِيلَ لِمَنْ أَبَاهُ مِنْ إشْرَاكِهِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ حِصَّتَهُ بِمَا أَعْطَى فِيهَا وَإِمَّا أَنْ تَبِيعَ مَعَهُ.

[الْقَضَاءُ فِي الضَّوَارِي وَالْحَرِيسَةِ]

(الْقَضَاءُ فِي الضَّوَارِي وَالْحَرِيسَةِ) قَوْلُهُ الضَّوَارِي يُرِيدُ مَا ضَرِيَتْ أَكْلَ زُرُوعِ النَّاسِ مِنْ الْبَهَائِمِ، وَالْحَرِيسَةُ: الْمَاشِيَةُ الْمَحْرُوسَةُ وَالضَّوَارِي: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْعَوَادِي.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالرَّمَكِ الَّتِي تَعْدُو فِي زَرْعِ النَّاسِ قَدْ ضَرِيَتْ ذَلِكَ: أَرَى أَنْ تُغَرَّبَ وَتُبَاعَ فِي بِلَادٍ لَا زَرْعَ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَرَى الْغَنَمَ وَالدَّوَابَّ بِحَسَبِهَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا أَهْلُهَا عَنْ النَّاسِ يُرِيدُ إنْ اسْتَطَاعَ أَهْلُهَا أَنْ يَحْبِسُوهَا لِكَوْنِ الدَّوَابِّ مُسْتَخْدَمَةً غَيْرَ مُهْمَلَةٍ وَالْغَنَمُ يَجِبُ حِفْظُ رَعْيِهَا فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ وَوَصَلَ ضَرَرُهَا إلَى الزَّرْعِ بِيعَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ مَالِكٌ يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ أُكْرِهَ رَبُّهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِضْرَارُ بِجِيرَانِهِ يَرْعَى زُرُوعَهُمْ وَإِفْسَادَ حَوَائِطِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ حِفْظَ مَاشِيَتِهِ لَمَا عُهِدَ مِنْ عُدْوَانِهَا عَلَى الزَّرْعِ وَتَعَذَّرَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى حِفْظِهَا لَمْ يُمْكِنْ إزَالَةُ ضَرَرِهَا إلَّا بِبَيْعِهَا مِمَّنْ يُكَفُّ أَذَاهَا بِذَبْحٍ أَوْ تَغْرِيبٍ إلَى بَلَدٍ لَا زَرْعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ صَاحِبُهَا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهَا فَلَهُ ذَلِكَ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْحَيَوَانِ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ حِرَاسَتُهُ وَمَنْعُهُ مِنْ الْأَذَى كَالنَّحْلِ يَتَّخِذُهَا الرَّجُلُ فِي الْقَرْيَةِ يَضُرُّ بِشَجَرِ الْقَوْمِ، أَوْ يَتَّخِذُ فِيهَا بُرْجًا يَأْوِي إلَيْهِ الْعَصَافِيرُ وَالْحَمَامُ فَيُصِيبُ مِنْ فَرْخِهَا فَتَضُرُّ بِالزَّرْعِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ أَرَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ اتِّخَاذِهَا مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ فِي زُرُوعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا طَائِرٌ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَاسُ مِنْهُ كَمَا يُسْتَطَاعُ ذَلِكَ فِي الْمَاشِيَةِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي ضَرِيَتْ بِإِفْسَادِ الزَّرْعِ وَلَا يَحْرُسُ مِنْهَا تُبَاعُ وَتُغَرَّبُ فَالنَّحْلُ وَالْحَمَامُ أَشَدُّ، وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ الطَّائِرَةُ وَالْأَوُزُّ وَشَبَهُهَا مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَاسُ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَاسُ مِنْهُ فَلَا يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ بِإِخْرَاجِهِ وَاخْتَارَهُ ابْن حَبِيبٍ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ وَمَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَاسُ مِنْهُ بِالْحِفْظِ الْمَعْهُودِ لَا يُؤْمَرُ أَهْلُهُ بِبَيْعِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ فِيمَا تَعَذَّرَ وَلَا يُمْنَعُ بِالْحِفْظِ الْمُعْتَادِ لِمُثَابَرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّحْلِ وَالطَّيْرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَتِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَى عَادَةِ جِنْسِهِ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَلَا دَفْعُ أَذَاهَا، وَقَالَ أَصْبَغُ النَّحْلُ وَالْحَمَامُ وَالدَّجَاجُ وَالْأَوُزُّ كَالْمَاشِيَةِ لَا يُمْنَعُ صَاحِبُهَا مِنْ اتِّخَاذِهَا، وَإِنْ ضَرَبَتْ وَعَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ حِفْظُ زُرُوعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَزَادَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ يُؤْذَى أَحَدٌ، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ هَذَا مَعَانٍ لَا تَضْرِي إلَّا بِالنَّهَارِ وَلَا يَجِدُ النَّاسُ بُدًّا مِنْ اتِّخَاذِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَنَافِعِهِمْ وَمُعْظَمُ فَوَائِدِهِمْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ اتِّخَاذِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَا أَصَابَتْ الْمَاشِيَةُ الَّتِي ضَرِيَتْ بِإِفْسَادِ الزُّرُوعِ وَالْحَوَائِطِ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْن الْقَاسِم مَا أَصَابَتْهُ قَبْلَ التَّقْدِيمِ إلَى أَرْبَابِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَمَا أَصَابَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنُوهُ لَيْلًا أَصَابَتْهُ، أَوْ نَهَارًا كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ قَالَ: وَإِذَا أَخَذَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ مَنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مَا أَفْسَدَتْهُ الْمَوَاشِي حَيْثُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ مَسْرَحٍ وَلَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْسَالِ الْمَوَاشِي فِيهِ فَإِنَّ عَلَى أَهْلِهَا ضَمَانُ مَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَبَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَحَدَ مَعْنَيَيْنِ إمَّا أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015