(ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ أَمْوَالًا بِالْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ أَنَّ الْبَعْلَ لَا يُقَسَّمُ مَعَ النَّضْحِ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْبَعْلَ يُقَسَّمُ مَعَ الْعَيْنِ إذَا كَانَ يُشْبِهُهَا وَأَنَّ الْأَمْوَالَ إذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ فَإِنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَهُمْ وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQرِوَايَةُ الْمَنْعِ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَرِوَايَةُ الْإِبَاحَةِ عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا فِي الْخِدْمَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَخْدُمُنِي الْيَوْمَ وَيَخْدُمُك غَدًا فَاتَّفَقُوا عَلَى تَجْوِيزِهِ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مِثْلِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ مِنْ الشَّهْرِ قَلِيلًا.

(فَرْقٌ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخِدْمَةِ وَالْغَلَّةِ أَنَّ الْخِدْمَةَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ الْآخَرُ فِي مُدَّتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ يُمْكِنُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِيفَاؤُهُ، وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَمَجْهُولَةٌ، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَى أَحَدِهِمَا اسْتِيفَاءُ مِثْلِ مَا اسْتَوْفَاهُ صَاحِبُهُ فَإِذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ كَثُرَتْ الْمُخَاطَرَةُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنَّ التَّهَايُؤَ يُجَوِّزُ فِيهَا السِّنِينَ الْمَعْلُومَةَ وَالْأَجَلَ الْبَعِيدَ كَكِرَائِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا مَأْمُونَةٌ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّهَايُؤُ فِي أَرْضِ الْمُزَارَعَةِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدِي إلَّا أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً.

(فَصْلٌ) :

فَأَمَّا التَّهَايُؤُ بِالْأَعْيَانِ فَأَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا عَبْدًا وَيَسْتَخْدِمَ هَذَا آخَرَ وَيَزْرَعَ هَذَا أَرْضًا وَيَزْرَعَ صَاحِبُهُ أُخْرَى فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ هَذَا فِي سُكْنَى الدُّورِ وَزِرَاعَةِ الْأَرَضِينَ وَلَا يَجُوزُ فِي الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ لَيْسَتْ بِقِسْمَةِ بَيْعٍ وَقِسْمَةُ الرِّقَابِ قِسْمَةُ بَيْعٍ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ إلَّا وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَعْكِسَ عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَإِذْ قَدْ أَخْرَجَتْهُ قِسْمَتُهُ إلَى أَنْ جَعَلَ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قِسْمَةَ بَيْعٍ وَكَانَتْ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ مُرَاضَاةً كَانَ يَلْزَمُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَتَضَمَّنَ قَوْلُهُ إسْقَاطُ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ التَّقْوِيمَ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَقِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ عَلَى التَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ قِسْمَةٌ جَائِزَةٌ وَأَكْثَرُ مَا يُقَسِّمُ بِهِ النَّاسُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَتْ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ وَاجِبَةً يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا قَوْلٌ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قِسْمَةَ الرِّقَابِ بِالْمُرَاضَاةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَيْضًا أَحَدٌ، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ خَاصَّةً إذَا وَجَبَتْ.

وَقَدْ أَشَارَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ إلَى أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي حَقِّ الصِّغَارِ فَقَالَا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَوِيَةً فِي كَرَمِهَا أَوْ لُؤْمِهَا قُسِّمَتْ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ تَرَاضَوْا وَهُمْ أَكَابِرُ عَلَى قِسْمَتِهَا بِالتَّحَرِّي وَالْمُرَاضَاةِ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ التَّفَاضُلِ عَلَى غَيْرِ قَيْسٍ وَلَا قِيمَةٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَهُ أَصْبَغُ فَشَرَطُوا فِي جَوَازِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ كَوْنَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَكَابِرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَاغِرِ إلَّا قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيه النَّظَرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ، وَجْهٌ بَيِّنٌ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْأَيْتَامِ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(ش) : وَهَذَا عَلَى حَسَبِ مَا قَالَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ أَمْوَالًا بِالْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ وَهُمَا جِهَتَانِ بِالْمَدِينَةِ وَأَشَارَ بِالْأَمْوَالِ إلَى الْأَرَضِينَ وَمَا فِيهَا مِنْ الشَّجَرِ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْمَالِ وَاقِعًا عَلَى كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ وَعَيْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ عُرْفَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إطْلَاقُ اسْمِ الْأَمْوَالِ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ.

وَقَالَ إنَّ الْبَعْلَ لَا يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْبَعْلِ وَالنَّضْحِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَجَعَلَ النَّضْحَ وَالْبَعْلَ جِنْسَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقِسْمَةِ يُرِيدُ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ الَّتِي تَكُونُ بِالْجَبْرِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015