. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

أُجْرَةُ الْقَسَّامِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَقَادِيرِ لَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي فِعْلِ الْقَاسِمِ بَلْ رُبَّمَا أَثَّرَ قَلِيلُ الْأَنْصِبَاءِ زِيَادَةً فِي الْعَمَلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِثَلَاثَةِ أَشْرَاكٍ أَرْضٌ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهَا وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهَا وَلِلثَّالِثِ ثُمُنُهَا لَأَثَّرَ الثُّمُنُ لِصِغَرِهِ زِيَادَةً فِي الْعَمَلِ وَلَاحْتَاجَ بِسَبَبِهِ أَنْ يُقَسِّمَ الْأَرْضَ كُلَّهَا أَثْمَانًا، وَلَوْ انْقَسَمَتْ عَلَى النِّصْفِ بِأَنْ تَكُونَ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهَا لَكَانَ الْعَمَلُ وَالْقِسْمَةُ فِيهَا أَقَلَّ فَإِذَا كَانَ قَلِيلُ الْجُزْءِ يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ مَا لَا يُؤَثِّرُهُ كَبِيرُهُ بَطَلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى صَاحِبِ الْجُزْءِ الْكَبِيرِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ إلَّا عَمَلًا يَسِيرًا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْجُزْءِ الْيَسِيرِ وَقَدْ أَثَّرَ عَمَلًا كَثِيرًا فَوَجَبَ اطِّرَاحُ ذَلِكَ وَالِاعْتِبَارُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ.

وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْعَمَلَ لِصَاحِبِ الْجُزْءِ الْكَثِيرِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ يُقَسِّمُ أَثْمَانًا أَرْبَعَةً وَصَاحِبُ الثُّمُنِ لَا يُقَسَّمُ لَهُ إلَّا جُزْءٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْجُزْءُ الْكَبِيرُ يَحْتَاجُ مِنْ الْعَمَلِ وَالذَّرْعِ إلَى أَكْثَرِ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُزْءُ الصَّغِيرُ وَبِحَسَبِ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ الْعَمَلِ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالْقُرْعَةِ وَالسِّهَامِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِسْمَةَ مُرَاضَاةٍ دُونَ تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ فَالْعَمَلُ مُتَقَارَبٌ فِيهِ إلَى أَنْ يَكُونَ إلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ، وَلَوْ طَلَبَ جَمِيعُهُمْ الْقِسْمَةَ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَبَى ذَلِكَ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ عَلَى الْآبِي وَالطَّالِبِ أُجْرَةُ الْقَسَّامِ عَلَى السَّوَاءِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِذَا شَهِدَ الْقَاسِمُ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ سَوَاءٌ قَسَمَ بِأَمْرِ قَاضٍ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَ الْقَاضِي أَمَرَهُ بِالْقِسْمَةِ وَأَنْفَذَهُ فِيهَا فَشَهَادَتُهُ وَحْدَهُ فِي ذَلِكَ جَائِزَةٌ إذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْيَوْمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَامِلُ وَالْمُحَلِّفُ وَالْكَاتِبُ وَالنَّاظِرُ إلَى الْعَيْبِ وَكُلُّ مَا لَا يُبَاشِرُهُ الْقَاضِي قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَاضِي هُوَ أَمَرَ الْقَاسِمَ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ مَنْ قَدْ دَرَجَ مِنْ الْحُكَّامِ، أَوْ قَوْمٌ تَرَاضَوْا بِهِ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَجُوزُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ الْقَاسِمِ أَصْلًا وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ فِي ذَلِكَ كَفِعْلِ الْآمِرِ مُرْتَزِقًا، أَوْ غَيْرَ مُرْتَزِقٍ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَعُونَةِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يَسْتَنِيبُ الْقَاضِي فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ كَالْإِعْذَارِ إلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَنَحْوَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

1 -

(فَصْلٌ) :

وَعَادَ الْكَلَامُ إلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فَأَوَّلُ قَوْلِهِ أَنَّ أَحَدَ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا أُخْرَى أَوْ يَزْرَعُ أَحَدُهُمَا أَرْضًا وَيَزْرَعُ الْآخَرُ أَرْضًا أُخْرَى، وَهَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِسْمَةِ الرِّقَابِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَقَدْ ذَكَرَ قِسْمَةَ الرِّقَابِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ، فَأَمَّا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ فَإِنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَهَايَآ بِالْأَزْمَانِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَتَهَايَآ بِالْأَعْيَانِ، فَأَمَّا التَّهَايُؤُ بِالْأَزْمَانِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَا يَسْتَخْدِمُ أَحَدُنَا الْعَبْدَ يَوْمًا وَيَسْتَخْدِمُهُ الْآخَرُ يَوْمًا وَيَزْرَعُ أَحَدُنَا الْأَرْضَ عَامًا وَيَزْرَعُهَا الْآخَرُ عَامًا، وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ لَك غَلَّتُهُ يَوْمٌ وَلِي غَلَّتُهُ يَوْمٌ آخَرُ فَأَمَّا التَّهَايُؤُ عَلَى أَنْ تَكُونَ غَلَّتُهُ يَوْمًا لِأَحَدِهِمَا وَيَوْمًا لِلْآخَرِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَوْمًا وَاحِدًا قَالَ مُحَمَّدٌ.

وَقَدْ سَهَّلَ مَالِكٌ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَكَرِهَهُ فِي أَكْثَرِ مِنْهُ وَأَجَازَهُ فِي الْخِدْمَةِ.

فَوَجْهُ الْمَنْعِ مَا فِيهِ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ غَلَّتُهُ فِي يَوْمِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْهَا فِي يَوْمِ الْآخَرِ مَعَ مَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ التَّفَاضُلِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَوَجْهُ الْإِبَاحَةِ أَنَّ الْغَرَرَ فِي ذَلِكَ قَلِيلٌ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ وَتَقَارُبِهَا وَتَسَاوِي غَلَّتِهَا فِي ذَلِكَ فِي غَالِبِ الْحَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015