. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا صِفَةُ هَذِهِ النُّطْفَةِ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى مَا رِزْقُهَا وَمَا أَجَلُهَا فَعَلَى هَذَا الْمُخَلَّقَةُ مِنْ صِفَةِ النُّطْفَةِ فَمَا كَانَ مِمَّا تُرْخِيه الْأَرْحَامُ مِمَّا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ وَلَيْسَ بِوَلَدٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الدِّمَاءَ قَدْ تُرْخِيهَا الْأَرْحَامُ وَلَا يَكُونُ وَلَدًا كَالْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَدًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْوَلَدُ الْمُضْغَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ هَذَا الْحَدَّ إلَّا بِمَا يَكُونُ وَلَدًا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُهُ النِّسَاءُ بِكَثْرَتِهِ وَأَحْوَالِهِ فَإِذَا كَانَ يُعْرَفُ تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْمُضْغَةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ السَّيِّدُ، وَقَالَ لَهَا لَمْ تَلِدِي هَذَا الْوَلَدَ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ هُوَ بِهَا لَاحِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجِيرَانُ مِنْهَا حَمْلًا وَلَا وِلَادَةً وَلَا طَلْقًا إذَا كَانَ مَعَهَا الْوَلَدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَقَالَتْ أَسْقَطْت، أَوْ وَلَدْت فَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ عَادِلَتَيْنِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ بِوَاحِدَةٍ إلَّا الْيَمِينُ عِنْدَ أَشْهَبَ.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهَا غَيْرُهُ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ رَأْيًا وَرَأَى عُمَرُ رَأْيًا عَتَقَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ حَتَّى مَضَيَا لِسَبِيلِهِمَا ثُمَّ رَأَى عُثْمَانُ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت أَنَا بَعْدَ بَيْعِهِنَّ فِي الدَّيْنِ فَقَالَ عُبَيْدَةُ فَقُلْت لِعَلِيٍّ رَأْيك وَرَأْيُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيك بِانْفِرَادِك فِي الْفُرْقَةِ فَقَبِلَ مِنِّي وَصَدَّقَنِي.
فَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ بِالْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِنَّ كَانَ فِي وَقْتِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُخَالِفُوا فِيهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ قَالَ رَأْيِي فِي بَيْعِهِنَّ فِي الدَّيْنِ خَاصَّةً فَهَذَا يَقْتَضِي انْفِرَادَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ صَدَّقَهُ وَقَبِلَ مِنْهُ فِي إثْبَاتِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَتَجَدَّدَ بِذَلِكَ الْإِجْمَاعُ أَيْضًا فِي زَمَنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَلَمَّا كَشَفَ عَنْ أَمْرِهِنَّ عَبْدُ الْمَلِكِ أَخْبَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ الْمِسْوَرَ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا يُعْتَقْنَ فِي ثُلُثٍ» وَفِيهِ غَضِبَ سَعِيدٌ عَلَى الزُّهْرِيِّ حِينَ حَدَّثَ بِحَدِيثِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ.
وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ حَدَّثَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ: إنَّ عُمَرَ أَعْتَقَهُنَّ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ إذَا حَمَلَتْ حَرُمَ بَيْعُهَا لِأَجْلِ الْجَنِينِ الَّذِي هُوَ فِي حُكْمِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَهَا وَلَا تُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَهُ فَسَرَى إلَيْهَا حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا كَانَ يَسْرِي مِنْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا وَدَلِيلٌ آخَرُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِحُرٍّ فَمَنَعَ ذَلِكَ بَيْعَهَا أَصْلُهُ إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا وَهِيَ حَامِلٌ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْحُكْمِ لَهَا وَهَذَا إذَا كَانَ السَّيِّدُ حُرًّا مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حُرٍّ فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ فِي ذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ إنْ عَتَقَ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ أَنْ تَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْآنَ وَلَدٌ كَانَ مَا تَقَدَّمَ لَهَا سِقْطٌ أَوْ وَلَدٌ وَذَكَرَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ دُونَ الْمُدَبَّرِ، قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعَ أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا يُرِيدُونَ الْمُدَبَّرَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ فِي الْمُكَاتَبِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعُهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَجْزَ وَلِلْمُدَبَّرِ بَيْعُهَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْ بَعْدَ عَقْدِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْأَبِ إلَّا أَنَّ لِلْوَلَدِ حُكْمَ الْأَبِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي أُمِّ الْوَلَدِ الْمُكَاتَبِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ لِلْمُكَاتَبِ بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِ دَيْنٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا حُرِّيَّةَ لَهَا بِالِاسْتِيلَادِ وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا إلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ قَالَ