نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إلَّا قَدْ أَلْحَقْت بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ) .
(ص) : (قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً ضَمِنَ سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : قَوْلُهُ مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ بَعْدُ يَخْرُجْنَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْخُرُوجَ وَالتَّصَرُّفَ فِي الْخِدْمَةِ الَّتِي لَا تَتَصَرَّفُ فِي مِثْلِهَا السَّرَارِي تَحَفُّظًا بِهِنَّ فَإِنَّ مَنْ تَسَرَّى بِأَمَةٍ مَنَعَهَا الْخُرُوجَ جُمْلَةً، أَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ مِمَّا يُتَّقَى عَلَيْهَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا فِيهَا، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ يَطَأُ الْجَارِيَةَ ثُمَّ يُرْسِلُهَا إلَى السُّوقِ فِي حَوَائِجِهِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تَخْرُجُ لِحَاجَتِهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ الْخُرُوجُ الْمُعْتَادُ إلَى السُّوقِ وَالْمَوَاضِعِ الْمَأْمُونَةِ الَّتِي فِيهَا جَمَاعَةُ النَّاسِ فَلَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهَا وَلَا مُخَادَعَتُهَا، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا وَطِئَ أَمَةً جَعَلَهَا عِنْدَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ حَتَّى يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ، أَوْ تَحِيضَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَمَةُ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا تُسَاكِنُ أَهْلَهُ بَلْ تَتَصَرَّفُ بِالتَّكَسُّبِ لِصَنَائِعَ وَالْعَمَلِ، أَوْ تَكُونَ مَعَ جُمْلَةِ إمَائِهِ فِي غَيْرِ دَارِ سُكْنَاهُ مَعَ زَوْجِهِ صَفِيَّةَ فَإِذَا وَطِئَهَا ضَمَّهَا إلَى دَارِ زَوْجِهِ صَفِيَّةَ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا أَحْصَنُ لَهُنَّ وَأَمْكَنُ مِنْ التَّحَفُّظِ بِهِنَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ مِمَّنْ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ فَإِذَا وَطِئَهَا مَنَعَهَا ذَلِكَ وَلَزِمَتْ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا مَنْعُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ حَمْلٍ أَوْ بَرَاءَةِ رَحِمٍ بِحَيْضٍ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ عُمَرُ ثُمَّ يَدْعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ الْمَنْعَ مِنْ الْخُرُوجِ جُمْلَةً.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ ضَمِنَ سَيِّدُهَا الْجِنَايَةَ ولَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ بِتَسْلِيمٍ فِي جِنَايَةٍ وَلَا بَيْعٍ وَلَا مُعَاوَضَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا بِالْعِتْقِ الَّذِي يُسْقِطُ مَا بَقِيَ لَهُ فِيهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْمَنْفَعَةِ دُونَ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهَا، وَفِي هَذَا خَمْسَةُ أَبْوَابٍ:.
أَحَدُهَا فِي مَاذَا تَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
وَالثَّانِي فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَهَا غَيْرُهُ.
وَالثَّالِثُ فِي حُكْمِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَفِي وَلَدِهَا.
وَالرَّابِعُ فِي حُكْمِ مَا لَهَا فِي جِنَايَةٍ.
وَالْبَابُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِهَا وَحُكْمِ وَلَدِهَا وَحُكْمِ مَالِهَا إذَا تُوُفِّيَ.
(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَاذَا تَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِكُلِّ مَا أَسْقَطَتْهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُخَلَّقٌ وَفِيهِ تَجِبُ الْغُرَّةُ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا طَرَحَتْ دَمًا مُجْتَمِعًا، أَوْ غَيْرَ مُجْتَمِعٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ فَإِذَا صَارَ عَلَقَةً خَرَجَ مِنْ حَدِّ النُّطْفَةِ وَالدَّمِ الْمُجْتَمِعِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ اتَّفَقَ النِّسَاءُ أَنَّهُ وَلَدٌ مُضْغَةً كَانَ أَوْ عَلَقَةً، أَوْ دَمًا، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِمَا يُرْخِيه الرَّحِمُ بِأَنَّهُ وَلَدٌ إلَّا إذَا ظَهَرَ خَلْقُهُ وَصُورَتُهُ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مُخَلَّقَةٍ مُصَوَّرَةٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَمَّا الدِّمَاءُ فَقَدْ تُرْخِهَا حَيْضًا وَغَيْرَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الْوَلَدِ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] فَيَكُونُ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ مِنْ نَعْتِ الصُّورَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمُصَدَّقُ «يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيَقُولُ اُكْتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ، أَوْ سَعِيدٌ» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إذَا وَقَعَتْ النُّطْفَةُ فِي الرَّحِمِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا فَيَقُولُ يَا رَبِّ مُخَلَّقَةٌ، أَوْ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ، فَإِنْ قَالَ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ مَجَّتْهَا الْأَرْحَامُ دَمًا، وَإِنْ قَالَ مُخَلَّقَةٌ قَالَ يَا رَبِّ