(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَوْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى أَحَدُهُمَا فِي امْرَأَةٍ غَرَّتْ رَجُلًا بِنَفْسِهَا وَذَكَرَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا فَقَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ، قَالَ يَحْيَى سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ وَالْقِيمَةُ أَعْدَلُ فِي هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلَانِ امْرَأَةً لِمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الشِّرْكِ فِي النَّسَبِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَتَيْنِ لِمَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ وَجْهٌ يَخْتَصُّ مِنْهُ بِأَحَدِهِمَا رُدَّ ذَلِكَ إلَى اخْتِيَارِ الْوَلَدِ فَوَالَى أَحَدَهُمَا وَكَانَ ابْنًا لَهُ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا، وَوَجْهُ قَوْلِ مُطَرِّفٍ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَكَ فِيهِ الرَّجُلَانِ وَلَكِنْ يَلْحَقُ بِأَقْوَاهُمَا شَبَهًا بِهِ فِي الْمَعَانِي الَّتِي تُوجِبُ الْإِلْحَاقَ فَيَغْلِبُ ذَلِكَ، وَأَمَّا التَّخْيِيرُ فَإِنَّ الْأَنْسَابَ لَا تَثْبُتُ بِهِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَنَّ النَّسَبَ أَصْلَهُ وَحَقِيقَتَهُ يَكُونُ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُخْلَقُ بِهِ فَلَمَّا ظَهَرَ إلَيْنَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُمَا قَالَ وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فَإِذَا قُلْنَا أَنَّهُ يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَمَتَى يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ.
وَقَالَ أَصْبَغُ وَرَوَى ابْنُ يَزِيدَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ إذَا عَقَلَ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا طَرِيقُهُ الِاخْتِيَارُ فَإِذَا عَقَلَ صَحَّ اخْتِيَارُهُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ.
1 -
(فَرْعٌ) وَمَنْ الَّذِي يُنْفِقُ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ جَمِيعًا.
وَقَالَ أَصْبَغُ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَبْلُغَ حَدَّ الْمُوَالَاةِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْقُوفًا لَهُمَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَحَقَّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَزِمَهُمَا الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْيَدَ فَكَانَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَوَالَى أَحَدَهُمَا، قَالَ عِيسَى: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ.
وَقَالَ أَصْبَغُ مَا أَنْفَقَ الَّذِي لَمْ يُوَالِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الَّذِي وَالَاهُ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَفِ وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَالِدٌ يُوَالِيه وَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّ وِلَايَتِهِ كَالْعَبْدِ يُوقَفُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمُتَدَاعِيَانِ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهُ أَحَدُهُمَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ: لَا أُوَالِي وَاحِدًا مِنْهُمَا فَقَالَ سَحْنُونٌ: ذَلِكَ لَهُ وَيَكُونُ ابْنًا لَهُمَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ حَالٌ لَمْ يُجْبَرْ فِيهَا فَلَمْ يَخْتَصَّ بِوَلَاءِ أَحَدِهِمَا، أَصْلُ ذَلِكَ حَالَ الصِّغَرِ وَهُمَا أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَكَانَ ذَلِكَ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَاوَى بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ وَالَاهُمَا.
(ش) : قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَوْ عُثْمَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ مِنْهُ، أَوْ مِمَّنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْهُ قَضَى فِي أَمَةٍ غَرَّتْ رَجُلًا بِنَفْسِهَا وَذَكَرَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ يُرِيدُ أَنَّ الْأَمَةَ قَدْ تَغُرُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّهَا أَمَةٌ بِنَفْسِهَا وَتَزْعُمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَيَتَزَوَّجُهَا فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ وَلَدَهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِهَا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ بِيعَ الْأَبُ فَحُكْمُ الرِّقِّ يَلْحَقُهُ فَكَانَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا وَقَالَ: تَزَوَّجْتهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَقَالَ سَيِّدُهَا: بَلْ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ، فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الزَّوْجُ مُصَدَّقٌ وَيَأْخُذُهَا سَيِّدُهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلُ وَأَحْكَامُهَا ثَابِتَةٌ دُونَ إثْبَاتٍ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي ذَلِكَ دُونَ مُدَّعِي اشْتِرَاطِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ طَارِئٌ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَاسْتَحَقَّتْ بِالرِّقِّ فَلِسَيِّدِهَا أَخْذُهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا وَهُوَ مَعْنَى مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ، أَوْ عُثْمَانُ إذْ قَالَ: قَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: الْوَلَدُ رَقِيقٌ وَلَا قِيمَةَ فِيهِمْ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْوَلَدَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ فَمَنْ مَلَكَ الْأُمَّ مَلَكَ وَلَدَهَا غَيْرَ أَنَّ الْأَبَ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا عَلَى حُرَّةٍ فَقَدْ تَزَوَّجَ عَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِهِ فَكَانَ لَهُ شَرْطُهُ وَكَانَ لِلسَّيِّدِ مِثْلُهُمْ عِوَضُ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ مَنْ اسْتَحَقَّ حُرِّيَّتَهُمْ وَمَالِ مَنْ اشْتَرَطَهُمْ لَهُمْ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ عَلَى الْأَبِ وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قِيمَتَهُمْ