. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQشُيُوخِنَا فِيهَا فَفِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ لَا يَجُوزُ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ إلَّا حَيْثُ تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ أَصْلُنَا أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ جَازَتْ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ لَمْ تَجُزْ فِيهِ شَهَادَةُ وَيَمِينُ النِّسَاءِ وَتَقَدَّمَ مِنْ الْقَوْلِ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْمَالِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي خَطَأِ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَاتِ قَالَ أَشْهَبُ وَفِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ حَلَفَ الْمَجْرُوحُ وَاسْتَحَقَّ دِيَةَ جُرْحِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ إنَّمَا يَجِبُ بِهَا الْمَالُ وَبِهِ فَثَبَتَتْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ فَرَوَى فِي الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ، وَرَوَى فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ ابْنِهِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ يَجُوزُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَا يَجِبُ بِهَا مَالٌ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَمْ تَثْبُتْ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ كَالشَّهَادَةِ بِقَتْلِ الْعَمْدِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا حَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَتَعَلَّقُ بِتَفْوِيتِ نَفْسٍ وَلَا مِلْكِ مَنَافِعِهَا فَأَثْبَتَتْ الشَّهَادَةَ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ.
(فَرْعٌ) وَإِذَا قُلْنَا تَجُوزُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْوَاضِحَةِ يَجُوزُ فِيمَا صَغُرَ مِنْهَا كَالْمُوضِحَةِ وَالْأُصْبُعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْمَنُ عَلَى النَّفْسِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ النَّفْسِ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ ابْنِهِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.
قَالَ وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا يُعْجِبُنِي وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الشَّهَادَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِمَا يَثْبُتُ بِهَا وَوَجَدْنَا التَّغْلِيظَ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ جِهَتَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ وَلَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ وَمِنْ جِهَةِ الذُّكُورَةِ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الزِّنَا يَتَعَلَّقُ بِهِ سَفْكُ الدَّمِ وَإِتْلَافُ حُرْمَةِ الْعِرْضِ وَتَدْخُلُ بِهِ الْمَعَرَّةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْقَرَابَةِ تَغَلَّظَ بِالْوَجْهَيْنِ بِأَكْثَرِ الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ، وَلَمَّا كَانَ قَتْلُ الْعَمْدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ سَفْكُ الدَّمِ خَاصَّةً تَعَلَّقَ بِأَقَلَّ الْعَدَدَيْنِ وَالذُّكُورَةِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمْوَالُ أَقَلَّهَا رُتْبَةً لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذُكُورَةٍ وَلَا عَدَدٍ فَثَبَتَ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِالْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَوَجَدْنَا الْجِرَاحَ تُنَوَّعُ نَوْعَيْنِ فَمِنْهَا مَا يَصْغُرُ وَيَقِلُّ خَطَرُهُ وَيُؤْمَنُ تَعَدِّيهِ إلَى النَّفْسِ غَالِبًا فَلَمْ يَدْخُلْهُ التَّغْلِيظُ وَثَبَتَ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْأَمْوَالُ وَمِنْهَا مَا عَظُمَ وَعَظُمَ خَطَرُهُ وَيُخَافُ تَعَدِّيهِ إلَى النَّفْسِ فَدَخَلَهُ التَّغْلِيظُ الَّذِي حَصَلَ فِي الْقَتْلِ لِمَا يُخَافُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا إلَيْهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِمَا دُونَ النَّفْسِ شَهَادَةٌ بِجِرَاحٍ لَا تَتَنَاوَلُ النَّفْسَ وَلَا سَفْكَ الدَّمِ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَيَمِينٍ أَصْلُ ذَلِكَ مَا صَغُرَ مِنْ الْجِرَاحِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى الِاحْتِيَاطَ فِي إثْبَاتِ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ بِالشَّاهِدَيْنِ وَالْيَمِينِ كَمَا يَرَى ذَلِكَ فِي إثْبَاتِهَا بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ، وَإِنَّمَا تَغْلُظُ النَّفْسُ بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ وَالْحَالِفِينَ، وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ الْعَدَالَةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الشَّاهِدِ بِالْقَتْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً دُونَ الْحُدُودِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالسَّرِقَةِ وَالْفِدْيَةِ يُرِيدُ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ يُحْكَمُ بِهَا فِي الْأَمْوَالِ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا فِي الْمَعَانِي الَّتِي نُصَّ عَلَيْهَا مِنْ الْحُدُودِ وَالسَّرِقَةِ وَالْفِدْيَةِ زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ وَالشُّرْبِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالنِّكَاحُ وَالْعَتَاقُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْضَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ وَلِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْقَضَاءُ بِالْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ الْمُسْتَحِقِّ، وَأَمَّا النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ فَإِنَّهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ فَهُوَ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ كَالْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَلَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ هِلَالُ صَوْمٍ وَلَا فِطْرٍ وَلَا حَجٍّ لِمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْفِرْيَةُ وَهِيَ الْقَذْفُ بِالزِّنَا لَا تَثْبُتُ عَلَى الْقَاذِفِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا قَذَفَهُ فَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ لَهُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ طَالَ سَجْنُهُ خُلِّيَ سَبِيلُهُ وَلَا ضَرْبَ عَلَيْهِ